الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل الجزء السابع الْأُولَى لو حَصَلَ له أَذًى من غَيْرِ الشَّعْرِ كَشِدَّةِ حَرٍّ وَقُرُوحٍ وَصُدَاعٍ أَزَالَهُ وَفَدَى كَأَكْلِ صَيْدٍ لِضَرُورَةٍ. الثَّانِيَةُ يَجُوزُ له تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ وَلَا فِدْيَةَ بِقَطْعِهِ بِلَا تَعَمُّدٍ نَقَلَه ابن إبْرَاهِيمَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ بَانَ بِمُشْطٍ أو تَخْلِيلٍ فَدَى قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ إنْ خَلَّلَهَا فَسَقَطَ شَعْرٌ أو كان مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ عليه قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. الثَّالِثَةُ يَجُوزُ له حَكُّ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ بِرِفْقٍ نَصَّ عليه ما لم يَقْطَعْ شَعْرًا وَقِيلَ غَيْرُ الْجُنُبِ لَا يَحُكُّهُمَا بِيَدَيْهِ وَلَا يَحُكُّهُمَا بِمُشْطٍ وَلَا ظُفْرٍ. الرَّابِعَةُ يَجُوزُ غَسْلُهُ في حَمَّامٍ وَغَيْرِهِ بِلَا تَسْرِيحٍ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ قَوْلُ إنَّ تَرْكَ غَطْسِهِ في الْمَاءِ وَتَغْيِيبَ رَأْسِهِ أَوْلَى أو الْجَزْمُ بِهِ. الْخَامِسَةُ يَجُوزُ له غَسْلُ رَأْسِهِ بِسِدْرٍ أو خطمى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَيَفْدِي نَقَلَ صَالِحٌ قَدَّ رَجُلٌ شَعْرَهُ وَلَعَلَّهُ يَقْطَعُهُ من الْغَسْلِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ حَكَى صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا في الْفِدْيَةِ رِوَايَتَيْنِ وَقَدَّمُوا مَذْهَبَ الْوُجُوبِ. وَقِيلَ الرِّوَايَتَانِ على الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ ذلك فَإِنْ قُلْنَا يَحْرُمُ فَدَى وَإِلَّا فَلَا. قُلْت وهو الصَّوَابُ كَالِاسْتِظْلَالِ بِالْمَحْمَلِ على ما يَأْتِي قَرِيبًا. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ احْتَاجَ إلَى قَطْعِهِ بِحِجَامَةٍ أو غَسْلٍ لم يَضُرَّهُ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال.
تنبيه: قَوْلُهُ الثَّالِثُ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ. تَقَدَّمَ في بَابِ السِّوَاكِ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ من الرَّأْسِ. وَأَنَّ ما فَوْقَهُمَا من الْبَيَاضِ من الرَّأْسِ على الصَّحِيحِ وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْوُضُوءِ ما هو من الرَّأْسِ وما هو من الْوَجْهِ وَالْخِلَافُ في ذلك مُسْتَوْفًى فما كان من الرَّأْسِ حَرُمَ تَغْطِيَتُهُ هُنَا وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. قَوْلُهُ فَمَتَى غَطَّاهُ بِعِمَامَةٍ أو خِرْقَةٍ أو قِرْطَاسٍ فيه دَوَاءٌ أو غَيْرِهِ أو عصبة وَلَوْ بِسَيْرٍ أو طينة بِطِينٍ أو حِنَّاءٍ أو غَيْرِهِ وَلَوْ بِنَوْرَةٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.
فائدة: فِعْلُ بَعْضِ الْمَنْهِيِّ عنه كَفِعْلِهِ كُلِّهِ في التَّحْرِيمِ. قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَظَلَّ بِالْمَحْمَلِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ. وَكَذَا ما في مَعْنَاهُ كَالْهَوْدَجِ والعمارية [والعمادية] وَالْمِحَفَّةِ وَنَحْوِ ذلك. وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ في تَحْرِيمِ الِاسْتِظْلَالِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ. إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ عن أَحْمَدَ وَالْمُخْتَارُ لِأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ حتى إنَّ الْقَاضِيَ في التَّعْلِيقِ وفي غَيْرِهِ وابن الزَّاغُونِيِّ وَصَاحِبَ الْعُقُودِ وَالتَّلْخِيصِ وَجَمَاعَةً لَا خِلَافَ عِنْدَهُمْ في ذلك. قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ. والرواية [والراوية] الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا هِيَ الظَّاهِرُ عنه وَجَزَمَ بِه ابن رزين في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. قال الْقَاضِي مُوَفَّقُ الدِّينِ هذا الْمَشْهُورُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وابن منجا في شَرْحِهِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَعَنْهُ يَجُوزُ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ ذَكَرَهَا في الْفُرُوعِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ في وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِفِعْلِ ذلك وهو الظَّاهِرُ لِقَوْلِهِ قبل ذلك فَمَتَى فَعَلَ كَذَا وكذا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ اسْتَظَلَّ بِالْمَحْمَلِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ. فَسِيَاقُهُ يَدُلُّ على ذلك وَعَلَيْهِ شَرْح ابن منجا وَفِيهَا رِوَايَاتٌ. إحْدَاهَا لَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِفِعْلِ ذلك وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو أَظْهَرُ قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَلَا يَسْتَظِلُّ بِمَحْمَلٍ في رِوَايَةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَا عليه في الْخُطْبَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجِبُ عليه الْفِدْيَةُ بِفِعْلِ ذلك قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْإِفَادَاتِ وَتَذْكِرَةُ بن عَقِيلٍ وَعُقُودُ بن الْبَنَّا وَالْإِيضَاحُ وَصَحَّحَهُ في الْفُصُولِ وَالْمُبْهِجِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُحَرَّرِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ إنْ كَثُرَ الِاسْتِظْلَالُ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا وهو الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ.
تنبيه: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ في مَحَلِّ الرِّوَايَتَيْنِ الأولتين [الأولين] فَعِنْدَ بن أبي مُوسَى وَالْمُصَنِّفِ في الْكَافِي وَالْمَجْدِ وَالشَّارِحِ وابن منجا في شَرْحِهِ أَنَّهُمَا مَبْنِيَّتَانِ على الرِّوَايَتَيْنِ في تَحْرِيمِ الِاسْتِظْلَالِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ قُلْنَا يَحْرُمُ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا وَهِيَ طَرِيقَةُ بن حَمْدَانَ. وَعِنْدَ الْقَاضِي وَصَاحِبِ الْمُبْهِجِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمَا مَبْنِيَّتَانِ على الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ في الِاسْتِظْلَالِ. إذْ لَا جَوَازَ عِنْدَهُمْ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَثْنِي الْيَسِيرَ فَيُبِيحُهُ وَلَا يُوجِبُ فيه فِدْيَةً كما تَقَدَّمَ.
فوائد: إحْدَاهَا وَكَذَا الْخِلَافُ وَالْحُكْمُ إذَا اسْتَظَلَّ بِثَوْبٍ وَنَحْوِهِ نَازِلًا وَرَاكِبًا قَالَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ. الثَّانِيَةُ لَا أَثَرَ لِلْقَصْدِ وَعَدَمِهِ فِيمَا فيه فِدْيَةٌ وَفِيمَا لَا فِدْيَةَ فيه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال ابن عَقِيلٍ إنْ قَصَدَ بِهِ السَّتْرَ فَدَى مِثْلَ أَنْ يَقْصِدَ بِحَمْلِ شَيْءٍ على رَأْسِهِ السَّتْرَ. الثَّالِثَةُ يَجُوزُ تَلْبِيدُ رَأْسِهِ بِغَسْلٍ أو صَمْغٍ وَنَحْوِهِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ غُبَارٌ أو دَبِيبٌ وَلَا يُصِيبَهُ شُعْثٌ. قَوْلُهُ وَإِنْ حَمَلَ على رَأْسِهِ شيئا أو نَصَبَ حِيَالَهُ ثَوْبًا أو اسْتَظَلَّ بِخَيْمَةٍ أو شَجَرَةٍ أو بَيْتٍ فَلَا شَيْءَ عليه. وَلَوْ قَصَدَ بِهِ السَّتْرَ لم يَسْتَثْنِ بن عَقِيلٍ إذَا حَمَلَ على رَأْسِهِ شيئا وَقَصَدَ السَّتْرَ بِهِ مِمَّا تَجِبُ فيه الْفِدْيَةُ. قَوْلُهُ وفي تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ. إحْدَاهُمَا يُبَاحُ وَلَا فِدْيَةَ عليه هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. قُلْت منهم الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَجَامِعِهِ وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. قال في الرِّعَايَةِ وَالْجَوَازُ أَصَحُّ وَصَحَّحَهُ في الْفُصُولِ وَالتَّصْحِيحِ وَتَمَامِ أبي الْحُسَيْنِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَعُقُودِ بن الْبَنَّا وَغَيْرِهِمَا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ لِاقْتِصَارِهِمْ على الْمَنْعِ من تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ بِتَغْطِيَتِهِ نَقَلَهَا الْأَكْثَرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقَدَّمَهُ في الْمُبْهِجِ. قَوْلُهُ الرَّابِعُ لُبْسُ الْمَخِيطِ وَالْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ إزَارًا فَيَلْبَسَ سَرَاوِيلَ أو نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسَ خُفَّيْنِ وَلَا يَقْطَعَهُمَا وَلَا فِدْيَةَ عليه. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَعَنْهُ إنْ لم يَقْطَعْ الْخُفَّيْنِ إلَى دُونِ الْكَعْبَيْنِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. قال الْخَطَّابِيُّ الْعَجَبُ من الْإِمَامِ أَحْمَدَ في هذا يَعْنِي في قَوْلِهِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ فإنه لَا يَكَادُ يُخَالِفُ سُنَّةً تَبْلُغُهُ. وَقُلْت سُنَّةً لم تَبْلُغْهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ من الْخَطَّابِيِّ في تَوَهُّمِهِ عن أَحْمَدَ مُخَالَفَةَ السُّنَّةِ أو خفاؤها [خفائها] وقد قال الْمَرُّوذِيُّ احتجيت [احتججت] على أبي عبد اللَّهِ بِقَوْل ابن عُمَرَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَقُلْت هو زِيَادَةٌ في الْخَبَرِ فقال هذا حَدِيثٌ وَذَاكَ حَدِيثٌ. فَقَدْ اطَّلَعَ على السُّنَّةِ وَإِنَّمَا نَظَرَ نَظَرًا لَا يَنْظُرُهُ إلَّا الْفُقَهَاءُ الْمُتَبَصِّرُونَ وَهَذَا يَدُلُّ على غَايَتِهِ في الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ انْتَهَى. وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ يَلْبَسُ سَرَاوِيلَ لِلْعَوْرَةِ فَقَطْ. وَيَأْتِي في أَوَّلِ جَزَاءِ الصَّيْدِ إذَا لَبِسَ مُكْرَهًا.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا يَقْطَعَهُمَا. أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُمَا وهو صَحِيحٌ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ هو إفْسَادٌ وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا بِالنَّهْيِ عن إضَاعَةِ الْمَالِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَجَوَّزَ الْقَطْعَ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَأَنَّ فائدة: التَّخْصِيصِ كَرَاهَتُهُ لِغَيْرِ إحْرَامٍ. قال الْمُصَنِّفُ وَالْأَوْلَى قَطْعُهُمَا عَمَلًا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَخُرُوجًا عن حَالِهِمَا من غَيْرِ قَطْعٍ.
فوائد: الْأُولَى الرَّانُ كَالْخُفِّ فِيمَا تَقَدَّمَ. الثَّانِيَةُ لو لَبِسَ مَقْطُوعًا دُونَ الْكَعْبَيْنِ مع وُجُودِ نَعْلٍ لم يَجُزْ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وَالْمَجْدُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَجُوزُ له لُبْسُهُ وَلَا فِدْيَةَ عليه لِأَنَّهُ ليس بِخُفٍّ. فَلُبْسُ اللَّالَكَةِ وَالْجُمْجُمِ وَنَحْوِهِمَا يَجُوزُ على الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في اللَّالَكَةِ وَالْجُمْجُمِ عَدَمُ لُبْسِهِمَا لَا مع عَدَمِ النَّعْلَيْنِ. الثَّالِثَةُ لو وَجَدَ نَعْلًا لَا يُمْكِنُهُ لُبْسُهَا لَبِسَ الْخُفَّ وَلَا فِدْيَةَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ واختاره الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ عليه الْفِدْيَةَ بِلُبْسِ الْخُفِّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. قُلْت هذا الْمَذْهَبُ. الرَّابِعَةُ يُبَاحُ النَّعْلُ كَيْفَمَا كانت على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِإِطْلَاقِ إبَاحَتِهَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ تَجِبُ الْفِدْيَةُ في عَقِبِ النَّعْلِ أو قَيْدِهَا وهو السَّيْرُ الْمُعْتَرِضُ على الزِّمَامِ وَذَكَرَهُ في الْإِرْشَادِ. وقال الْقَاضِي مُرَادُهُ الْعَرِيضَيْنِ وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ فيها.
تنبيه: شَمِلَ قَوْلُهُ لَبِسَ الْمَخِيطَ ما عُمِلَ على قَدْرِ الْعُضْوِ وَهَذَا إجْمَاعٌ وَلَوْ كان دِرْعًا مَنْسُوجًا أو لِبْدًا مَعْقُودًا وَنَحْوَ ذلك قال جَمَاعَةٌ بِمَا عُمِلَ على قَدْرِهِ وَقُصِدَ بِهِ. وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَوْ كان غير مُعْتَادٍ كَجَوْرَبٍ في كَفٍّ وَخُفٍّ في رَأْسٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.
فائدتان: الْأُولَى لَا يُشْتَرَطُ في اللُّبْسِ أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا بَلْ الْكَثِيرُ وَالْقَلِيلُ سَوَاءٌ. قَوْلُهُ وَلَا يَعْقِدُ عليه مِنْطَقَةً وَلَا رِدَاءً وَلَا غَيْرَهُ. نَصَّ عليه وَلَيْسَ له أَنْ يُحْكِمَهُ بِشَوْكَةٍ أو إبْرَةٍ أو خَيْطٍ وَلَا يَزُرَّهُ في عُرْوَتِهِ وَلَا يَغْرِزَهُ في إزَارِهِ فَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَفَدَى. الثَّانِيَةُ يَجُوزُ شَدُّ وَسَطِهِ بِمِنْدِيلٍ وَحَبْلٍ وَنَحْوِهِمَا إذَا لم يَعْقِدْهُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ في مُحْرِمٍ حَزَمَ عِمَامَتَهُ على وَسَطِهِ لَا يَعْقِدُهَا وَيَدْخُلُ بَعْضُهَا في بَعْضٍ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَجُوزُ له شَدُّ وَسَطِهِ بِحَبْلٍ وَعِمَامَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَبِرِدَاءٍ لِحَاجَةٍ. قَوْلُهُ وَلَا يَعْقِدَ عليه مِنْطَقَةً. اعْلَمْ أَنَّ الْمِنْطَقَةَ لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ فيها نَفَقَتُهُ أو لَا فَإِنْ كان فيها نَفَقَتُهُ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْهِمْيَانِ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لم يَكُنْ فيها نَفَقَتُهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَلْبَسَهَا لِوَجَعٍ أو لِحَاجَةٍ أو غَيْرِهِمَا فَإِنْ لَبِسَهَا لِوَجَعٍ أو لِحَاجَةٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَفْدِي وَكَذَا لو لَبِسَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِطَرِيقِ أَوْلَى. وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ أَنَّ الْمِنْطَقَةَ كَالْهِمْيَانِ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وابن أبي مُوسَى وابن حَامِدٍ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا النَّفَقَةُ وَعَدَمُهَا وَإِلَّا فَهُمَا سَوَاءٌ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ. قَوْلُهُ إلَّا إزَارَهُ وَهِمْيَانَهُ الذي فيه نَفَقَتُهُ إذَا لم يَثْبُتْ إلَّا بِالْعَقْدِ. أَمَّا الْإِزَارُ إذَا لم يَثْبُتْ إلَّا بِالْعَقْدِ فَلَهُ أَنْ يَعْقِدَهُ بِلَا نِزَاعٍ. وَأَمَّا الْهِمْيَانُ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَعْقِدَهُ إذَا لم يَثْبُتْ إلَّا بِالْعَقْدِ إذَا كانت نَفَقَتُهُ فيه. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وفي رَوْضَةِ الْفِقْهِ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ ولم يُعْلَمْ من هو مُصَنِّفُهَا لَا يَعْقِدُ سُيُورَ الْهِمْيَانِ وَقِيلَ لَا بَأْسَ احْتِيَاطًا على النَّفَقَةِ. قَوْلُهُ وَإِنْ طَرَحَ على كَتِفَيْهِ قَبَاءً فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قُلْت منهم الْقَاضِي في خِلَافِهِ وأبو الْخَطَّابِ وَالْمَجْدُ. وقال الْخِرَقِيُّ لَا فِدْيَةَ عليه إلَّا أَنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ في الْكُمَّيْنِ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ صَحَّحَهَا في التَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْخُلَاصَةِ وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ. وقال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ إذَا طَرَحَ الْقَبَاءَ على كَتِفَيْهِ ولم يُدْخِلْ يَدَيْهِ في الْكُمَّيْنِ فَلَيْسَ عليه شَيْءٌ وَجْهًا وَاحِدًا وَإِنْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فَفِي الْفِدْيَةِ وَجْهَانِ. قُلْت وهو ضَعِيفٌ ولم أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ سَهَا. وقال في الْوَاضِحِ أن أَدْخَلَ إحْدَى يَدَيْهِ فَدَى.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَيَتَقَلَّدَ بِالسَّيْفِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ. أَنَّهُ لَا يَتَقَلَّدُ بِهِ عِنْدَ عَدَمِهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَعَنْهُ يَتَقَلَّدُ بِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ اخْتَارَه ابن الزاغوني. قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمُرَادَ في غَيْرِ مَكَّةَ لِأَنَّ حَمْلَ السِّلَاحِ فيها لَا يَجُوزُ إلَّا لِحَاجَةٍ نَقَلَ الْأَثْرَمُ لَا يَتَقَلَّدُ بِمَكَّةَ إلَّا لِخَوْفٍ وَإِنَّمَا مُنِعَ منه لِأَنَّهُ في مَعْنَى اللُّبْسِ عِنْدَهُ وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْقِيَاسُ إبَاحَتُهُ من غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِأَنَّ ذلك ليس في مَعْنَى الْمَلْبُوسِ الْمَنْصُوصِ على تَحْرِيمِهِ. قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُبَاحُ عِنْدَهُ في الْحَرَمِ انْتَهَى. قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ما أَرَادَ ذلك وَإِنَّمَا أَرَادَ جَوَازَ التَّقَلُّدِ بِهِ لِلْمُحْرِمِ من غَيْرِ ضَرُورَةٍ في الْجُمْلَةِ أَمَّا الْمَنْعُ من ذلك في مَكَّةَ فَلَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُ هذا وَكَذَا بن الزَّاغُونِيِّ وَكَذَا الرِّوَايَةُ.
فائدة: الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ إنْ لَبِسَ الْمَخِيطَ أو غَطَّى وَجْهَهُ وَجَسَدَهُ لم يَلْزَمْهُ فِدْيَةٌ لِلشَّكِّ وَإِنْ غَطَّى وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ فَدَى لِأَنَّهُ إمَّا رَجُلٌ أو امْرَأَةٌ قَدَّمَهُ في. الْفُرُوعِ وقال أبو بَكْرٍ يُغَطِّي رَأْسَهُ وَيَفْدِي وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ عن بن الْمُبَارَكِ ولم يُخَالِفْهُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. قَوْلُهُ الْخَامِسُ شَمُّ الْأَدْهَانِ الْمُطَيِّبَةِ والأدهان بها. يَحْرُمُ الإدهان بِدُهْنٍ مُطَيِّبٍ وَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ رِوَايَةً لَا فِدْيَةَ بِذَلِكَ. وَيَأْتِي قَرِيبًا حُكْمُ الْأَدْهَانِ غَيْرِ الْمُطَيِّبَةِ. قَوْلُهُ وَأَكْلُ ما فيه طِيبٌ يَظْهَرُ طَعْمُهُ أو رِيحُهُ. إذَا أَكَلَ ما فيه طِيبٌ يَظْهَرُ طَعْمُهُ أو رِيحُهُ فَدَى وَلَوْ كان مَطْبُوخًا أو مَسَّتْهُ النَّارُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَإِنْ كانت رَائِحَتُهُ ذَهَبَتْ وَبَقِيَ طَعْمُهُ فَالْمَذْهَبُ كما قال الْمُصَنِّفُ يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَقِيلَ لَا فِدْيَةَ عليه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَيَأْتِي إذَا اشْتَرَى طِيبًا وَحَمَلَهُ وَقَلَبَهُ ولم يَقْصِدْ شَمَّهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ جَلَسَ عِنْدَ الْعَطَّارِ. قَوْلُهُ وَإِنْ مَسَّ من الطِّيبِ ما لَا يَعْلَقُ بيده فَلَا فِدْيَةَ عليه. بِلَا نِزَاعٍ كَمِسْكٍ غَيْرِ مَسْحُوقٍ وَقِطَعِ كَافُورٍ وَعَنْبَرٍ وَنَحْوِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا عَلِقَ بيده أَنَّ عليه الْفِدْيَةَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَغَالِيَةٍ وَمَاءِ وَرْدٍ. وَقِيلَ أو جَهِلَ ذلك كَمِسْكٍ مَسْحُوقٍ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ. وَيَأْتِي في بَابِ الْفِدْيَةِ قبل قَوْلِهِ وَإِنْ رَفَضَ إحْرَامَهُ لو مَسَّ طِيبًا يَظُنُّهُ يَابِسًا فَبَانَ رَطْبًا هل تَجِبُ عليه الْفِدْيَةُ أَمْ لَا.
فائدة: قَوْلُهُ وَلَهُ شَمُّ الْعُودِ وَالْفَوَاكِهِ وَالشِّيحِ وَالْخُزَامَى. بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا كُلُّ نَبَاتِ الصَّحْرَاءِ وما يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّ لَا لِقَصْدِ الطِّيبِ كَالْحِنَّاءِ وَالْعُصْفُرِ وَكَذَا الْقُرُنْفُلُ وَالدَّارَصِينِيُّ وَنَحْوُهَا. قَوْلُهُ وفي شَمِّ الرَّيْحَانِ وَالنِّرْجِسِ وَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالْبُرَمِ وَنَحْوِهَا وَالِادِّهَانُ بِدُهْنٍ غَيْرِ مُطَيِّبٍ في رَأْسِهِ رِوَايَتَانِ. شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَيْئَيْنِ أَحَدَهُمَا الِادِّهَانَ بِدُهْنٍ غَيْرِ مُطَيِّبٍ وَالثَّانِيَ شَمَّ ما عَدَا ذلك مِمَّا ذَكَرَهُ وَنَحْوُهُ وهو يَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ. أَحَدِهِمَا ما يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّ لِلطِّيبِ وَلَا يُتَّخَذُ منه طِيبٌ كَالرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ وَالنَّمَّامِ وَالْبُرَمِ وَالنِّرْجِسِ وَالْمَرْزَجُوشِ وَنَحْوِهَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُبَاحُ شَمُّهُ وَلَا فِدْيَةَ فيه قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمَه ابن رزين وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَعُقُودِ بن الْبَنَّا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ شَمُّهُ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَصَحَّحَ في التَّصْحِيحِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ في شَمِّ الرَّيْحَانِ وَأَوْجَبَ الْفِدْيَةَ في شَمِّ النِّرْجِسِ وَالْبُرَمِ وهو غَرِيبٌ أَعْنِي التَّفْرِقَةَ بين الرَّيْحَانِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالزَّرْكَشِيِّ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لَا فِدْيَةَ فيه وَأَنَّ قَوْلَ أَحْمَدَ ليس من آلَةِ الْمُحْرِمِ لِلْكَرَاهِيَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَيْضًا رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ يَحْرُمُ شَمُّ ما نَبَتَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ. الْقِسْمُ الثَّانِي ما يُنْبَتُ لِلطِّيبِ وَيُتَّخَذُ منه طِيبٌ كَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ. وَالْخَيْرِيِّ وهو الْمَنْثُورُ وَاللِّينُوفَرِ وَالْيَاسَمِينِ وهو الذي يُتَّخَذُ منه الزنبق [الزئبق] فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْرُمُ شَمُّهُ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إنْ شَمَّهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَالْكَافِي وَقَدَّمَه ابن رزين وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وابن الْبَنَّا في عُقُودِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ يُبَاحُ شَمُّهُ وَلَا فِدْيَةَ فيه وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالزَّرْكَشِيِّ.
تنبيهان: الْأَوَّلُ مُرَادُهُ بِالرَّيْحَانِ الرَّيْحَانُ الْفَارِسِيُّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وقال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَلَهُ شَمُّ رَيْحَانٍ وَعَنْهُ بَرِّيٌّ. الثَّانِي تَابَعَ الْمُصَنِّفُ أَبَا الْخَطَّابِ في حِكَايَةِ الرِّوَايَتَيْنِ في جَمِيعِ ذلك وَتَابَعَ أَبَا الْخَطَّابِ أَيْضًا صَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَحَكَى الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي في الرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ الرِّوَايَتَيْنِ ثُمَّ قال وفي سَائِرِ النَّبَاتِ الطَّيِّبِ الرَّائِحَةِ الذي لَا يُتَّخَذُ منه طِيبٌ وَجْهَانِ قِيَاسًا على الرَّيْحَانِ. وَقَدَّمَ بن رَزِينٍ أَنَّ جَمِيعَ الْقِسْمَيْنِ فيه وَجْهَانِ في الرَّيْحَانِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ قال وَقِيلَ في الْجَمِيعِ الرِّوَايَتَانِ انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ لِلْأَصْحَابِ في حِكَايَةِ الْخِلَافِ ثَلَاثُ طُرُقٍ.
فائدة: الرَّيْحَانُ وَغَيْرُهُ نحوه [ونحوه] كَأَصْلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وفي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ بِالْمَنْعِ كَمَاءِ وَرْدٍ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ عليه انْتَهَى. أَمَّا الإدهان بِدُهْنٍ لَا طِيبَ فيه كَالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ وَدُهْنِ الْبَانِ السَّاذَجِ. وَنَحْوِهَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ جَوَازُ ذلك وَلَا فِدْيَةَ فيه نَصَّ عليه وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ. قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: أو يَدَّهِنُ في رَأْسِهِ بِالشَّيْرَجِ *** أو زَيْتِ الْمَنْصُوصِ لَا من خَرَجَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَه ابن البنا في عُقُودِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَدَمُ الْجَوَازِ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ قال في الْفُرُوعِ ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ. قُلْت قال الْخِرَقِيُّ في مُخْتَصَرِهِ لَا يَدَّهِنُ بِمَا فيه طِيبٌ وَلَا ما لَا طِيبَ فيه فَعَطَفَهُ على ما فيه الْفِدْيَةُ وَالظَّاهِرُ التَّسَاوِي وَيَأْتِي في ال تنبيه: الثَّالِثُ. قال الْقَاضِي هذه الرِّوَايَةُ نَصُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وابن منجا في شَرْحِهِ وَالشَّرْحِ وَلَكِنْ إنَّمَا حَكَى الْخِلَافَ في التَّحْرِيمِ وَعَدَمِهِ لَا في وُجُوبِ الْفِدْيَةِ.
تنبيهات: الْأَوَّلُ شَمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الِادِّهَانَ بِدُهْنٍ غَيْرِ مُطَيِّبٍ الزَّيْتَ وَالشَّيْرَجَ وَالسَّمْنَ وَالشَّحْمَ وَالْبَانَ السَّاذَجَ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَاقْتَصَرَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ على الزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ السَّمْنَ كَالزَّيْتِ. الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ في رَأْسِهِ أَنَّ الْخِلَافَ مَخْصُوصٌ بِالرَّأْسِ فَقَطْ وفي غَيْرِهِ يَجُوزُ وهو اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وَتَبِعَهُمَا بن منجا وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ كما تَقَدَّمَ. قال في الْفُرُوعِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَالْوَجْهُ وَلِهَذَا قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا. في دَهْنِ شَعْرِهِ فلم يَخُصَّ الرَّأْسَ وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الرِّوَايَتَانِ في رَأْسِهِ وَيَدَيْهِ. قُلْت وَعَلَى هذا الْأَكْثَرُ كَالْمُصَنِّفِ في الْكَافِي وَصَاحِبِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُحَرَّرِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ هذه طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ. قُلْت وَرَدَ النَّصُّ عن أَحْمَدَ بِالْمَنْعِ في الرَّأْسِ فَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عليه الْمُصَنِّفُ وَمَنْ أَجْرَى الْخِلَافَ في جَمِيعِ الْبَدَنِ نَظَرَ إلَى تَعْلِيلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِالشُّعْثِ وهو مَوْجُودٌ في الْبَدَنِ وفي الرَّأْسِ أَكْثَرُ. الثَّالِثُ حَيْثُ قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ فإن الْفِدْيَةَ تَجِبُ على ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قال وَكَذَلِكَ قال الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ لِأَنَّهُ مَنَعَ منه وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ انْتَهَى. قُلْت جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ. ولم يُوجِبْ الْمُصَنِّفُ الْفِدْيَةَ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وقد ذَكَرَ ذلك الْقَاضِي أَيْضًا في تَعْلِيقِهِ لَكِنَّهُ جَعَلَ الْمَنْعَ من أَحْمَدَ بِمَعْنَى الْكَرَاهَةِ من غَيْرِ فِدْيَةٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ جَلَسَ عِنْدَ الْعَطَّارِ أو في مَوْضِعٍ لِيَشُمَّ الطِّيبَ فَشَمَّهُ. مِثْلَ من قَصَدَ الْكَعْبَةَ حَالَ تَجْمِيرِهَا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَمَتَى قَصَدَ شَمَّ الطِّيبِ حَرُمَ عليه وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إذَا شَمَّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ عن بن حَامِدٍ يُبَاحُ ذلك.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يَجُوزُ لِمُشْتَرِي الطِّيبِ حَمْلُهُ وَنَقْلُهُ إذَا لم يَشُمَّهُ وَلَوْ ظَهَرَ رِيحُهُ لِأَنَّهُ. لم يَقْصِدْ الطِّيبَ وَلَا يُمْكِنُ لتحرز [التحرز] منه ذَكَرَه ابن عقيل وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَيَتَوَجَّهُ وَلَوْ عَلِقَ بيده لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَلِحَاجَةِ التِّجَارَةِ وَعَنْ بن عَقِيلٍ إنْ حَمَلَهُ مع ظُهُورِ رِيحِهِ لم يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ وَنَقَل ابن الْقَاسِمِ لَا يَصْلُحُ لِلْعَطَّارِ يَحْمِلُهُ لِلتِّجَارَةِ إلَّا ما لَا رِيحَ له. الثَّانِيَةُ لو لَبِسَ أو تَطَيَّبَ أو غَطَّى رَأْسَهُ جَاهِلًا فقال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ أَنْ يَكُونَ كَالْأَكْلِ في الصَّوْمِ جَاهِلًا وقد قال الْقَاضِي لِخَصْمِهِ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ ذلك. قَوْلُهُ السَّادِسُ قَتْلُ الصَّيْدِ وَاصْطِيَادُهُ وهو ما كان وَحْشِيًّا مَأْكُولًا. وَهَذَا في قَتْلِهِ الْجَزَاءُ إجْمَاعًا مع تَحْرِيمِهِ إلَّا أَنَّ في بَقَرِ الْوَحْشِ رِوَايَةً لَا جَزَاءَ فيها على ما يَأْتِي وَيَأْتِي إذَا قَتَلَ الصَّيْدَ مُكْرَهًا أو نَاسِيًا في بَابِ الْفِدْيَةِ. قَوْلُهُ أو مُتَوَلِّدًا منه وَمِنْ غَيْرِهِ. شَمِلَ قِسْمَيْنِ قِسْمٌ مُتَوَلِّدٌ بين وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ وَقِسْمٌ مُتَوَلِّدٌ بين وَحْشِيٍّ وَغَيْرِ مَأْكُولٍ وَكِلَاهُمَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ما أُكِلَ أَبَوَاهُ فُدِيَ وَحَرُمَ قَتْلُهُ وَكَذَا ما أُكِلَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ دُونَهُ وَقِيلَ لَا يفدي كَمُحَرَّمِ الْأَبَوَيْنِ انْتَهَى وفي الْفُرُوعِ هُنَا سَهْوٌ في النَّقْلِ من الرِّعَايَةِ.
تنبيه: يَأْتِي حُكْمُ غَيْرِ الْوَحْشِيِّ وما هو مُخْتَلَفٌ فيه عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا تَأْثِيرَ لِلْحَرَمِ وَلَا لِلْإِحْرَامِ في تَحْرِيمِ حَيَوَانٍ انْتَهَى.
فائدة: قَوْلُهُ وَيَضْمَنُ ما دَلَّ عليه أو أَشَارَ إلَيْهِ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَقَلَه ابن مَنْصُورٍ وابن إبْرَاهِيمَ وأبو الْحَارِثِ في الدَّالِّ وَنَقَلَهُ عبد اللَّهِ في الْمُشِيرِ وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ في الْمُشِيرِ وفي الذي يُغَيِّرُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ. الْأَصْحَابِ وقال في الْمُبْهِجِ إنْ كانت الدَّلَالَةُ له مُلْجِئَةً لَزِمَهُ الْجَزَاءُ لِلْمُحْرِمِ كَقَوْلِهِ دخل الصَّيْدُ في هذه الْمَفَازَةِ وَإِنْ كانت غير مُلْجِئَةٍ لم يَلْزَمْهُ كَقَوْلِهِ ذَهَبَ إلَى تِلْكَ الْبَرِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالسَّبَبِ مع الْمُبَاشَرَةِ إذَا لم يَكُنْ مُلْجِئًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ على الْقَاتِلِ وَالدَّافِعِ دُونَ الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ. وقال في الْفَائِقِ وَالْمُخْتَارِ تَحْرِيمُ الدَّلَالَةِ وَالْإِشَارَةِ دُونَ لُزُومِ الضَّمَانِ بِهِمَا. وقال أبو حَكِيمٍ في شَرْحِهِ إذَا أَمْسَكَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا حتى قَتَلَهُ الْحَلَالُ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ وَيَرْجِعُ بِهِ على الْحَلَالِ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ هذا مَحْمُولٌ على أَنَّهُ لم يُمْسِكْهُ لِيَقْتُلَهُ بَلْ أَمْسَكَهُ لِلتَّمَلُّكِ فَقَتَلَهُ الْحَلَالُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَرْجِعُ عليه بِالْجَزَاءِ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ على الضَّمَانِ بِقَتْلِهِ.
فوائد: إحْدَاهَا لَا ضَمَانَ على دَالٍّ وَمُشِيرٍ إذَا كان قد رَآهُ من يُرِيدُ صَيْدَهُ قبل ذلك وَكَذَا لو وُجِدَ من الْمُحْرِمِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ ضَحِكٌ أو اسْتِشْرَافٌ فَفَطِنَ له غَيْرُهُ فَصَادَهُ أو أَعَارَهُ آلَةً لِغَيْرِ الصَّيْدِ فَاسْتَعْمَلَهَا فيه. قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ما سَبَقَ لو دَلَّهُ فَكَذَّبَهُ لم يَضْمَنْ. الثَّانِيَةُ لَا يَحْرُمُ دَلَالَةٌ على طِيبٍ وَلِبَاسٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالسَّبَبِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا حُكْمٌ مُخْتَصٌّ وَالدَّلَالَةُ على الصَّيْدِ يَتَعَلَّقُ بها حُكْمٌ مَخْصُوصٌ وهو مُخْتَصٌّ وهو تَحْرِيمُ الْأَكْلِ وَالْإِثْمِ. الثَّالِثَةُ لو نَصَبَ شَبَكَةً ثُمَّ أَحْرَمَ أو أَحْرَمَ ثُمَّ حَفَرَ بِئْرًا بِحَقٍّ كَدَارِهِ أو لِلْمُسْلِمِينَ بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ لم يَضْمَنْ ما تَلِفَ بِذَلِكَ وَإِلَّا ضَمِنَ كَالْآدَمِيِّ إذَا تَلِفَ في هذه الْمَسْأَلَةِ وَأَطْلَقَ في الِانْتِصَارِ ضَمَانَهُ وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ. قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُ من أَطْلَقَ من أَصْحَابِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا لم يَتَحَيَّلْ فَالْمَذْهَبُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وإذا يَتَحَيَّلُ فَالْخِلَافُ قال وَعَدَمُهُ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ. وقال في الْفُصُولِ في أَوَاخِرِ الْحَجِّ في دِبْقٍ قبل إحْرَامِهِ لَا يَضْمَنُ بِهِ بَلْ بَعْدَهُ كَنَصْبِ أُحْبُولَةٍ وَحَفْرِ بِئْرٍ ورمى اعْتِبَارًا بِحَالَةِ النَّصْبِ وَالرَّمْيِ وَيُحْتَمَلُ الضَّمَانُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ. وقال أَيْضًا يَتَصَدَّقُ من آذَاهُ أو أَفْزَعَهُ بِحَسَبِ أَذِيَّتِهِ اسْتِحْسَانًا. قال وَتَقْرِيبُهُ كَلْبًا من مَكَانِ الصَّيْدِ جِنَايَةٌ كَتَقْرِيبِهِ الصَّيْدَ من مُهْلِكَةٍ. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ مُحْرِمًا فَيَكُونُ جَزَاؤُهُ بَيْنَهُمَا. يَعْنِي إذَا كان الْقَاتِلُ مُحْرِمًا وَالْمُتَسَبِّبُ في قَتْلِهِ مُحْرِمًا فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّ الْجَزَاءَ بَيْنَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ وَإِحْدَى الرِّوَايَاتِ اخْتَارَهَا بن حَامِدٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وابن منجا في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَصَحَّحَهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ على كل وَاحِدٍ جَزَاءٌ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَحَكَاهُمَا في الْمَذْهَبِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ عَلَيْهِمَا جَزَاءٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا فَعَلَى كل وَاحِدٍ صَوْمٌ تَامٌّ. وَلَوْ أَهْدَى وَاحِدٌ وَصَامَ الْآخَرُ فَعَلَى الْمُهْدِي بِحِصَّتِهِ وَعَلَى الصَّائِمِ صَوْمٌ تَامٌّ. نَقَلَ هذه الرِّوَايَةَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْجَمَاعَةُ وَنَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وقال الْحَلْوَانِيُّ عليها الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهَا في الْمُبْهِجِ وقال هِيَ أَظْهَرُ. وَقِيلَ لَا جَزَاءَ على مُحْرِمٍ مُمْسِكٍ مع مُحْرِمٍ قَاتِلٍ. قال في الْفُرُوعِ فَيُؤْخَذُ من هذا لَا يَلْزَمُ مُتَسَبِّبًا مع مُبَاشِرٍ قال وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ لَا سِيَّمَا إذَا أَمْسَكَهُ لِيَمْلِكَهُ فَقَتَلَ مُحِلٌّ انْتَهَى. وَقِيلَ الْقَرَارُ على الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ هو جَعَلَ فِعْلَ الْمُمْسِكِ عِلَّةً قال في الْفُرُوعِ. وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ وَجَزَمَ بن شِهَابٍ أَنَّ الإجزاء [الجزاء] على الْمُمْسِكِ لِتَأَكُّدِهِ وَأَنَّ عليه الْمَالَ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ في قَتْلِ صَيْدٍ.
فوائد: الْأُولَى وَكَذَا الْحُكْمُ وَالْخِلَافُ لو كان الشَّرِيكُ سَبُعًا فَإِنْ سَبَقَ حَلَالٌ أو سَبُعٌ فَجَرَحَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ فَعَلَيْهِ جزاؤه [جزاؤها] مَجْرُوحًا وَإِنْ سَبَقَ هو فَجَرَحَهُ وَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا فَعَلَى الْمُحْرِمِ أَرْشُ جُرْحِهِ فَلَوْ كَانَا مُحْرِمَيْنِ ضَمِنَ الْجَارِحُ نَقْصَهُ وَضَمِنَ الْقَاتِلُ قِيمَةَ الْجَزَاءِ. وَلَوْ جَرَحَ الْمُحِلُّ وَالْمُحْرِمُ مَعًا قِيلَ على الْمُحْرِمِ بِقِسْطِهِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وَقَدَّمَه ابن رزين في شَرْحِهِ وَقِيلَ عليه جَزَاءٌ كَامِلٌ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ وَالشَّارِحُ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي. الثَّانِيَةُ لو كان الدَّالُّ وَالشَّرِيكُ لَا ضَمَانَ عليه كَالْمُحِلِّ مع الْمُحْرِمِ فَالْجَزَاءُ جَمِيعُهُ على الْمُحْرِمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ في الْأَشْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقَالَا هذا ظَاهِرُ قَوْلِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ قال ابن الْبَنَّا نَصَّ عليه. قال في الْفُرُوعِ وَالْمَنْقُولُ عن أَحْمَدَ إطْلَاقُ الْقَوْلِ ولم [لم] يُبَيِّنْ. قال الْقَاضِي فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ جَمِيعَهُ وَيُحْتَمَلُ بِحِصَّتِهِ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ مُوجِبٌ وَمُسْقِطٌ فَغَلَبَ الْإِيجَابُ قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْعِشْرِينَ قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ مُقْتَضَى الْفِقْهِ عِنْدِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْجَزَاءِ. الثَّالِثَةُ لو دَلَّ حَلَالٌ حَلَالًا على صَيْدٍ في الْحَرَمِ فَهِيَ كما لو دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا على صَيْدٍ قَالَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال جَمَاعَةٌ لَا ضَمَانَ على دَالٍّ في حِلٍّ بَلْ على الْمَدْلُولِ وَحْدِهِ كَحَلَالٍ دَلَّ مُحْرِمًا. وَيَأْتِي ذلك في أَوَّلِ بَابِ صَيْدِ الْحَرَمِ. قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عليه الْأَكْلُ من ذلك كُلِّهِ وَأَكْلُ ما صِيدَ لِأَجْلِهِ. يَحْرُمُ على الْمُحْرِمِ الْأَكْلُ من كل صَيْدٍ صَادَهُ أو ذَبَحَهُ إجْمَاعًا وَكَذَا إنْ دَلَّ مُحْرِمٌ حَلَالًا عليه فَقَتَلَهُ أو أَعَانَهُ أو أَشَارَ إلَيْهِ وَيَحْرُمُ عليه ما صِيدَ لِأَجْلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ إنْ أَكَلَهُ وَإِنْ أَكَلَ بَعْضَهُ ضَمِنَهُ بمثله من اللَّحْمِ وفي الإنتصار احْتِمَالٌ بِجَوَازِ أَكْلِ ما صِيدَ لِأَجْلِهِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا ما حَرُمَ على الْمُحْرِمِ بِدَلَالَةٍ أو إعَانَةٍ أو صِيدَ له لَا يَحْرُمُ على مُحْرِمٍ غَيْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقِيلَ يَحْرُمُ. الثَّانِيَةُ لو قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا ثُمَّ أَكَلَهُ ضَمِنَهُ لِقَتْلِهِ لَا لِأَكْلِهِ نَصَّ عليه وَكَذَا إنْ حَرُمَ عليه بِالدَّلَالَةِ وَالْإِعَانَةِ عليه أو الْإِشَارَةِ فَأَكَلَ منه لم يَضْمَنْ لِلْأَكْلِ لِأَنَّهُ صَيْدٌ مَضْمُونٌ بِالْجَزَاءِ مَرَّةً فلم يَجِبْ بِهِ جَزَاءٌ ثَانٍ كما لو أَتْلَفَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ وقال في الْغُنْيَةِ عليه الْجَزَاءُ.
تنبيه: دخل في قَوْلِهِ وَلَا يَحْرُمُ عليه الْأَكْلُ من غَيْرِ ذلك. لو ذَبَحَ مُحِلٌّ صَيْدًا لِغَيْرِهِ من الْمُحْرِمِينَ فإنه يَحْرُمُ على الْمَذْبُوحِ له وَلَا يَحْرُمُ على غَيْرِهِ من الْمُحْرِمِينَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ يَحْرُمُ عليه أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ أو نَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَفَسَدَ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ بِقِيمَتِهِ. إذَا أَتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ بِفِعْلِهِ أو بِنَقْلٍ وَنَحْوِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّيْدِ على ما تَقَدَّمَ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ بِقِيمَتِهِ أَنَّهُ إذَا لم يَكُنْ له قِيمَةٌ كَالْمَذَرِ لَا شَيْءَ عليه فيه وَلَوْ كان فيه فَرْخٌ مَيِّتٌ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى من الْمَذَرِ بَيْضُ النَّعَامِ فإن الْأَصْحَابَ قالوا لِقِشْرِ بيضة قِيمَةٌ. وَعَنْهُ لَا شَيْءَ في قِشْرِهِ أَيْضًا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وقال الْحَلْوَانِيُّ في الْمُوجِزِ إنْ تُصَوِّرَ وَتُخُلِّقَ الْفَرْخُ في بَيْضَتِهِ فَفِيهِ ما في جَنِينِ صَيْدٍ سَقَطَ بِالضَّرْبَةِ مَيِّتًا انْتَهَى. وَإِنْ كَسَرَ بيضة فَخَرَجَ منها فَرْخٌ فَعَاشَ فَلَا شَيْءَ فيه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وقال ابن عَقِيلٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَضْمَنَهُ إلَّا أَنْ يَحْفَظَهُ من الْخَارِجِ إلَى أَنْ يَنْهَضَ فَيَطِيرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَضْمَنَهُ لِأَنَّهُ لم يَجْعَلْهُ غير مُمْتَنِعٍ بَعْدَ أَنْ كان متمنعا [ممتنعا] بَلْ تَرَكَهُ على صِفَتِهِ انْتَهَى. وَيَأْتِي إذَا قَتَلَ حَامِلًا فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا مَيِّتًا في جَزَاءِ الصَّيْدِ. قَوْلُهُ وَلَا يُمْلَكُ الصَّيْدُ بِغَيْرِ الْإِرْثِ. لَا يُمْلَكُ الصَّيْدُ ابْتِدَاءً بِشِرَاءٍ وَلَا بِاتِّهَابٍ وَلَا بِاصْطِيَادٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وقال في الرِّعَايَةِ وَلَا يَمْلِكُ صَيْدًا بِاصْطِيَادِهِ بِحَالٍ وَلَا بِشِرَاءٍ وَلَا بِاتِّهَابٍ في الْأَصَحِّ فِيهِمَا فَحَكَى وَجْهًا بِصِحَّةِ الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ وَالِاتِّهَابِ. وقال في الْفُرُوعِ وفي الرِّعَايَةِ يُمْلَكُ بِشِرَاءٍ أو اتِّهَابٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ لَفْظُ قَوْلُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو قَبَضَهُ ثُمَّ تَلِفَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمُعَيَّنِ لِمَالِكِهِ وقال في الرِّعَايَةِ لَا شَيْءَ لِوَاهِبِهِ انْتَهَى.
. وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو قَبَضَهُ رَهْنًا فَتَلِفَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ فَقَطْ وَإِنْ لم يَتْلَفْ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ فَإِنْ أَرْسَلَهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ لِمَالِكِهِ وَلَيْسَ عليه جَزَاءٌ وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ وَلَا يُرْسِلُهُ. قال الْمُصَنِّفُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ إرْسَالُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ. وَيَرُدُّ الْمَوْهُوبَ على وَاهِبِهِ على الصَّحِيحِ كَالْمَبِيعِ فَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ رَدِّهِ فَهَدَرٌ وَقَبْلَ الرَّدِّ من ضَمَانِهِ. وَلَا يَتَوَكَّلُ لِمُحْرِمٍ خَرَجَ بِهِ إلَى الْحِلِّ في بَيْعِ الصَّيْدِ وَلَا شِرَائِهِ فَلَوْ خَالَفَ لم يَصِحَّ عَقْدُهُ. وَلَا يَسْتَرِدُّ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ الذي بَاعَهُ وهو حَلَالٌ بِخِيَارٍ وَلَا عَيْبٍ في ثَمَنِهِ وَلَا غير ذلك لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ وَإِنْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عليه بِخِيَارٍ أو عَيْبٍ فَلَهُ ذلك وَيَلْزَمُ الْمُحْرِمَ إرْسَالُهُ. وَأَمَّا مِلْكُهُ بِالْإِرْثِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهُ بِهِ أَيْضًا. فعليه يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ فَيَمْلِكُهُ إذَا حَلَّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَاعِدَةِ الْخَمْسِينَ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْسَكَ صَيْدًا حتى تَحَلَّلَ ثُمَّ تَلِفَ أو ذَبَحَهُ ضَمِنَهُ وكان مَيْتَةً. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا أَبَا الْخَطَّابِ فإنه قال له أَكْلُهُ وَيَضْمَنُ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ.
فوائد: الْأُولَى وَكَذَا الْحُكْمُ لو أَمْسَكَ صَيْدَ الْحَرَمِ وَخَرَجَ بِهِ إلَى الْحِلِّ. الثَّانِيَةُ لو جَلَبَ الصَّيْدَ بَعْدَ إخْرَاجِهِ إلَى الْحِلِّ أو بَعْدَ حِلِّهِ ضَمِنَهُ. بِقِيمَتِهِ وَهَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا لِأَنَّ تَحْرِيمَ الصَّيْدِ لِعَارِضٍ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ في الْفُنُونِ. قُلْت الْأَوْلَى تَحْرِيمُهُ كَأَصْلِهِ قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ مثله بَيْضُهُ. الثَّالِثَةُ لو ذَبَحَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا أو قَتَلَهُ فَهُوَ مَيْتَةٌ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ على الْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ. الرَّابِعَةُ لو ذَبَحَ مُحِلٌّ صَيْدَ حَرَمٍ فَكَالْمُحْرِمِ. وَيَأْتِي إذَا اضطر [اضطرا] إلَى أَكْلِ صَيْدٍ فَذَبَحَهُ هل هو مَيْتَةٌ أو يَحِلُّ بِذَبْحِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى أَكْلِ الصَّيْدِ فَلَهُ أَكْلُهُ. الْخَامِسَةُ لو كَسَرَ مُحْرِمٌ بَيْضَ صَيْدٍ حَرُمَ عليه أَكْلُهُ وَيُبَاحُ أَكْلُهُ لِلْحَلَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ لِأَنَّ حِلَّهُ له لَا يَقِفُ على كَسْرِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ له أَهْلِيَّتُهُ فَلَوْ كَسَرَهُ مَجُوسِيٌّ أو بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ حَلَّ وقال الْقَاضِي يَحْرُمُ على الْحَلَالِ أَيْضًا كَالصَّيْدِ لِأَنَّ كَسْرَهُ جَرَى مَجْرَى الذَّبْحِ بِدَلِيلِ حِلِّهِ لِلْمُحْرِمِ بكسر [يكسر] الْحَلَالُ له وَتَحْرِيمُهُ عليه بِكَسْرِ الْمُحْرِمِ. وقال في الرِّعَايَةِ يَحْرُمُ عليه ما كَسَرَهُ وَقِيلَ وَعَلَى حَلَالٍ وَمُحْرِمٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْرَمَ وفي يَدِهِ صَيْدٌ أو دخل الْحَرَمَ بِصَيْدٍ لَزِمَهُ إزَالَةُ يَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ دُونَ الْحُكْمِيَّةِ عنه. إذَا أَحْرَمَ وفي يَدِهِ صَيْدٌ لَزِمَهُ إزَالَةُ يَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ مِثْلَ ما إذَا كان في قَبْضَتِهِ أو خَيْمَتِهِ أو رَحْلِهِ أو قَفَصِهِ أو مَرْبُوطًا بِحَبْلٍ معه وَنَحْوِهِ وَمِلْكُهُ بَاقٍ عليه فَيَرُدُّهُ من أَخَذَهُ وَيَضْمَنُهُ من قَتَلَهُ دُونَ الْحُكْمِيَّةِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ في بَيْتِهِ أو بَلَدِهِ أو في يَدِ نَائِبٍ له أو في غَيْرِ مَكَانِهِ وَمِلْكُهُ بَاقٍ عليه أَيْضًا وَلَا يَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فيه بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهِمَا وَمَنْ غَصَبَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ لَا يَصِحُّ نَقْلُ مِلْكِهِ عَمَّا بيده الْمُشَاهَدَةِ قال فيه نَظَرٌ انْتَهَى. قُلْت لم أَجِدْ ذلك في الرِّعَايَتَيْنِ بَلْ صَرَّحَ في الْكُبْرَى بِالْجَوَازِ فقال وَمَنْ أَحْرَمَ أو دخل الْحَرَمَ وَلَهُ صَيْدٌ أو مَلَكَهُ بَعْدُ لم يَزُلْ مِلْكُهُ عنه وَإِنْ كان بيده ابْتِدَاءً أو دَوَامًا أو معه في قَفَصٍ أو حَبْلٍ أَرْسَلَهُ وَمِلْكُهُ فيه بَاقٍ وَلَهُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ بِشَرْطِهِمَا انْتَهَى. وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ صَيْدٌ زَالَ مِلْكُهُ عنه لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ مِلْكِهِ وَالنِّكَاحُ يُرَادُ لِلِاسْتِدَامَةِ وَالْبَقَاءِ فَلِهَذَا لَا يَزُولُ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. وَأَمَّا إذَا دخل الْحَرَمَ بِصَيْدٍ فَالْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَهُ الجماعه أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إزَالَةُ يَدِهِ عنه وَإِرْسَالُهُ فَإِنْ أَتْلَفَهُ أو تَلِفَ ضَمِنَهُ كما قال الْمُصَنِّفُ كَصَيْدِ الْحِلِّ في الْحَرَمِ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَلَهُ ذَبْحُهُ وَنَقْلُ الْمِلْكِ فيه لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا نهى عن تَنْفِيرِ صَيْدِ مَكَّةَ ولم يُبَيِّنْ مِثْلَ هذا الْحُكْمِ الْخَفِيِّ مع كَثْرَةِ وُقُوعِهِ وَالصَّحَابَةُ مُخْتَلِفُونَ وَقِيَاسُهُ على الْإِحْرَامِ فيه نَظَرٌ لِأَنَّهُ آكَدُ لِتَحْرِيمِهِ ما لَا يُحَرِّمُهُ. قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَفْعَلْ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ. إذَا أَحْرَمَ وفي مِلْكِهِ صَيْدٌ وهو في يَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ فَإِنْ لم يَفْعَلْ حتى تَلِفَ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وابن منجا في شَرْحِهِ وهو تَخْرِيجٌ لِابْنِ عَقِيلٍ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ كَالْمُصَنِّفِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي إنْ أَمْكَنَهُ إرْسَالُهُ فلم يُرْسِلْهُ حتى تَلِفَ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَنَصَّ أَحْمَدُ على التَّفْرِقَةِ بين الْيَدَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَشَرْح ابن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَأَمَّا إذَا مَلَكَ الصَّيْدَ في الْحِلِّ وَدَخَلَ بِهِ في الْحَرَمِ ولم يُرْسِلْهُ حتى أَتْلَفَهُ. أو تَلِفَ في يَدِهِ فإنه يَضْمَنُهُ قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ كما تَقَدَّمَ.
فائدة: لو أَمْسَكَ صَيْدًا في الْإِحْرَامِ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ فَإِنْ مَاتَ قبل إرْسَالِهِ ضَمِنَهُ مُطْلَقًا قَوْلًا وَاحِدًا. قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْسَلَهُ إنْسَانٌ من يَدِهِ قَهْرًا فَلَا ضَمَانَ على الْمُرْسِلِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ يَضْمَنُهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُحْتَرَمٌ فَلَا يَبْطُلُ بِإِحْرَامِهِ وَقَوَّى أَدِلَّتَهُ وَمَالَ إلَيْهَا وقال بَعْدَ ذلك يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ أبي حَنِيفَةَ مُتَوَجِّهٌ. قُلْت قَطَعَ بِذَلِكَ في الْمُبْهِجِ فقال في فَصْلِ جَزَاءِ الصَّيْدِ فَإِنْ كان في يَدِهِ صَيْدٌ قبل الْإِحْرَامِ ثُمَّ أَحْرَمَ فَأَرْسَلَهُ من يَدِهِ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ سَوَاءٌ كان الْمُرْسِلُ حَلَالًا أو مُحْرِمًا انْتَهَى. وَنَقَلَ هذا في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالتِّسْعِينَ ثُمَّ قال اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرْسِلُ حَاكِمًا أو وَلِيَّ صَبِيٍّ فَلَا ضَمَانَ لِلْوِلَايَةِ. ثُمَّ قال هذا كُلُّهُ بِنَاءً على قَوْلِنَا يَجِبُ إرْسَالُهُ وَإِلْحَاقُهُ بِالْوَحْشِيِّ وهو الْمَنْصُوصُ. أَمَّا إنْ قُلْنَا يَجُوزُ له نَقْلُ يَدِهِ عنه إلَى غَيْرِهِ بِإِعَارَةٍ أو إيدَاعٍ كما قَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في بَابِ الْعَارِيَّةِ فَالضَّمَانُ وَاجِبٌ بِغَيْرِ إشْكَالٍ انْتَهَى.
فائدة: لو أَمْسَكَهُ حتى حَلَّ فَمِلْكُهُ بَاقٍ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في الْكَافِي يُرْسِلُهُ بَعْدَ حِلِّهِ كما لو صَادَهُ وهو مُحْرِمٌ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا صَائِلًا عليه دَفْعًا عن نَفْسِهِ لم يَضْمَنْهُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَهُ الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَقِيَاسُ قَوْلِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَلَا فَرْقَ بين أَنْ يخشي منه التَّلَفَ أو مَضَرَّةً كَجُرْحِهِ أو إتْلَافَ مَالِهِ أو بَعْضِ حَيَوَانِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وقال أبو بَكْرٍ في ال تنبيه: عليه الْجَزَاءُ. قَوْلُهُ أو بِتَخْلِيصِهِ من سَبُعٍ أو شَبَكَةٍ لِيُطْلِقَهُ لم يَضْمَنْهُ إذَا تَلِفَ. يَعْنِي إذَا فَكَّهُ بِسَبَبِ تَخْلِيصِهِ من سَبُعٍ أو شَبَكَةٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في الْأَشْهَرِ وَقِيلَ يَضْمَنُهُ. وَيَأْتِي في بَابِ الْغَصْبِ إذَا حَالَ حَيَوَانٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَقَتَلَهُ هل يَضْمَنُهُ أَمْ لَا وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا أَتْلَفَ بَعْضَ الصَّيْدِ أو جَرَحَهُ. قَوْلُهُ وَلَا تَأْثِيرَ لِلْحَرَمِ وَلَا لِلْإِحْرَامِ في تَحْرِيمِ حَيَوَانِ إنْسِيٍّ وَلَا مُحَرَّمِ الْأَكْلِ. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا شَيْئَيْنِ. أَحَدَهُمَا الْحَيَوَانَ الْإِنْسِيَّ. وَالثَّانِيَ الْحَيَوَانَ الْمُحَرَّمَ أَكْلُهُ. فَأَمَّا الْحَيَوَانُ الْإِنْسِيُّ فَلَا يَحْرُمُ على الْمُحْرِمِ وَلَا في الْحَرَمِ إجْمَاعًا لَكِنْ الِاعْتِبَارُ في الْوَحْشِيِّ وَالْأَهْلِيِّ بِأَصْلِهِ فَالْحَمَامُ الْوَحْشِيُّ وَإِنْ تَأَهَّلَ نَصَّ عليه فَفِيهِ الْجَزَاءُ كَالْمُتَوَحِّشِ قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْبَطَّ كَالْحَمَامِ فَهُوَ وَحْشِيٌّ وَإِنْ تَأَهَّلَ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. قال الزَّرْكَشِيُّ الْمُصَحَّحُ وُجُوبُ الْجَزَاءِ وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُهُ إذَا كان أَهْلِيًّا لِأَنَّهُ مَأْلُوفٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قالوا. وَأَطْلَقَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ في الدَّجَاجِ رِوَايَتَيْنِ وَخَصَّهُمَا بن أبي مُوسَى وَمَنْ. تَابَعَهُ في دَجَاجِ السِّنْدِيِّ وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّ الدَّجَاجَ السِّنْدِيَّ وَحْشِيٌّ كَالْحَمَامِ وَأَطْلَقَ في الْفَائِقِ في دَجَاجِ السِّنْدِيِّ وَالْبَطِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ أَنَّ في الدَّجَاجِ الْأَهْلِيِّ الْجَزَاءَ. قُلْت هذا مُشْكِلٌ جِدًّا وَرُبَّمَا كان مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ وَالِاعْتِبَارُ في الْأَهْلِيِّ بِأَصْلِهِ فَلَوْ تَوَحَّشَ بَقَرٌ أو غَيْرُهُ فَهُوَ أَهْلِيٌّ. قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ في بَقَرَةٍ تَوَحَّشَتْ لَا شَيْءَ فيها. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجَوَامِيسَ أَهْلِيَّةٌ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الرِّعَايَةِ وما تَوَحَّشَ من إنْسِيٍّ أو تَأَنَّسَ من وَحْشِيٍّ فَلَيْسَ صَيْدًا. وَقِيلَ ما تَوَحَّشَ من إنْسِيٍّ فَهُوَ على الْإِبَاحَةِ لِرَبِّهِ وَلِغَيْرِهِ وما تَأَنَّسَ من وَحْشِيٍّ فَكَمَا لو لم يَسْتَأْنِسْ وَقِيلَ ما تَلِفَ من وَحْشِيٍّ لم يَحِلَّ وَفِيهِ الْجَزَاءُ وَلَوْ تَوَحَّشَ إنْسِيٌّ لم يَحْرُمْ انْتَهَى. وَأَمَّا مُحَرَّمُ الْأَكْلِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ في قَتْلِهِ إلَّا ما سَبَقَ من الْمُتَوَلِّدِ وما يَأْتِي في الْقَمْلِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ. قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا فِدْيَةَ في الضُّفْدَعِ وقال في الْإِرْشَادِ فيه حُكُومَةٌ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنَقَلَهُ عبد اللَّهِ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ لَا أَعْرِفُ له وَجْهًا وقال ابن عَقِيلٍ في الْقَمْلَةِ لُقْمَةٌ أو تَمْرَةٌ إذَا لم تُؤْذِهِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَتَخَرَّجُ مِثْلُ ذلك في النَّحْلَةِ وفي أُمِّ حُسَيْنٍ وَجْهٌ يَضْمَنُهَا بحدى [بجدي] اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو خِلَافُ الْقِيَاسِ وَأُمُّ حُسَيْنٍ هِيَ الْحِرْبَاءُ قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ دَابَّةٌ مَعْرُوفَةٌ مِثْلَ أُمِّ عُرْسٍ وابن آوَى. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هِيَ دَابَّةٌ مُنْتَفِخَةُ الْبَطْنِ. قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في كل مُحَرَّمٍ لم يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ انْتَهَى. وفي السِّنَّوْرِ الأهلى وَجْهٌ أَنَّ فيه الْجَزَاءَ وَيَأْتِي الْكَلَامُ على الثَّعْلَبِ وَالسِّنَّوْرِ الْأَهْلِيِّ وَالْهُدْهُدِ وَالْقِرْدِ وَنَحْوِهَا في بَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ. قَوْلُهُ إلَّا الْقَمْلَ في رِوَايَةٍ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ. اعْلَمْ أَنَّ في جَوَازِ قَتْلِ الْقَمْلِ وَصِئْبَانِهِ لِلْمُحْرِمِ رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْح ابن منجا. إحْدَاهُمَا يُبَاحُ قَتْلُهَا كَالْبَرَاغِيثِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ فَلَا تَفْرِيعَ عليها. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُبَاحُ قَتْلُهَا كَالْبَرَاغِيثِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ من الْمَذْهَبِ وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَنْصَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَشَرْح ابن رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْمُحَرَّرِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل يَجِبُ عليه في قَتْلِهَا جَزَاءٌ فيه رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْكَافِي. إحْدَاهُمَا لَا جَزَاءَ عليه وَهِيَ الْمَذْهَبُ قال في الْعُمْدَةِ لَا شَيْءَ فِيمَا حَرُمَ أَكْلُهُ إلَّا الْمُتَوَلِّدُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ فَلَا تَفْرِيعَ عليها. وَالثَّانِيَةُ عليه جَزَاءٌ وقال في الْمُحَرَّرِ إنْ حَرُمَ قَتْلُهُ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. فَعَلَيْهَا أَيُّ شَيْءٍ تَصَدَّقَ بِهِ كان خَيْرًا منه كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ. في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وقال في الْمَذْهَبِ إذَا قُلْنَا لَا يُبَاحُ قَتْلُهُ وكان قد جَعَلَ في رَأْسِهِ زِئْبَقًا قبل الْإِحْرَامِ ثُمَّ يَقَعُ فيها بَعْدَ الْإِحْرَامِ صَيْدٌ على ما تَقَدَّمَ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في تَحْرِيمِ قَتْلِ الْقَمْلِ لَا فَرْقَ فِيهِمَا بين قَتْلِهِ وَرَمْيِهِ أو قَتْلِهِ بِالزِّئْبَقِ وَنَحْوِهِ من رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثَوْبِهِ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ وهو اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَجَزَمَ بِه ابن رزين وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ رَمْيُهُ من غَيْرِ ظَاهِرِ ثَوْبِهِ كَقَتْلِهِ وقال في الْمَذْهَبِ إذَا قُلْنَا لَا يُبَاحُ قَتْلُهُ وكان قد جَعَلَ في رَأْسِهِ زِئْبَقًا قبل الْإِحْرَامِ فَتَلِفَ الْإِحْرَامُ لم يَضْمَنْ انْتَهَى. قُلْت هذا يُفْتِي من نَصَبَ الْأُحْبُولَةَ قبل الْإِحْرَامِ ثُمَّ يَقَعُ فيها بَعْدَ الْإِحْرَامِ صَيْدٌ ما تَقَدَّمَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ إنَّمَا الرِّوَايَتَانِ فِيمَا إذَا أَزَالَهُ من شَعْرِهِ وَبَدَنِهِ وَبَاطِنِ ثَوْبِهِ وَيَجُوزُ من ظَاهِرِهِ نَقَلَهُ عنهما في الْفُرُوعِ. وَحَكَى الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا أَزَالَهُ من شَعْرِهِ أَمَّا ما أَلْقَاهُ من ظَاهِرِ بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ فَلَا شَيْءَ فيه رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ انْتَهَيَا. قال الزَّرْكَشِيُّ قال الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ وَمَوْضِعُ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا أَلْقَاهَا من شَعْرِ رَأْسِهِ أو بَدَنِهِ أو لَحْمِهِ أَمَّا إنْ أَلْقَاهَا من ظَاهِرِ بَدَنِهِ أو ثِيَابِهِ أو بَدَنِ مُحِلٍّ أو مُحْرِمٍ غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا شَيْءَ عليه رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ.
فائدة: يَجُوزُ قَتْلُ الْبَرَاغِيثِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وقال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّ الْبَرَاغِيثَ كَالْقَمْلِ قال وهو مُتَوَجِّهٌ وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ في مَوْضِعٍ لَا يَقْتُلُ الْبَرَاغِيثَ وَلَا الْبَعُوضَ وَذَكَرَهُ. في مَوْضِعٍ آخَرَ قَوْلًا وزاد وَلَا قُرَادًا وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنْ قَرَصَهُ ذلك قَتَلَهُ مَجَّانًا وَإِلَّا فَلَا يَقْتُلُهُ.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ إلَّا الْقَمْلَ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ في الْحَرَمِ وهو صَحِيحٌ فَيُبَاحُ بِلَا نِزَاعٍ بين الْأَصْحَابِ.
فوائد: يُسْتَحَبُّ قَتْلُ كل مُؤْذٍ من حَيَوَانٍ وَطَيْرٍ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال هو مُرَادُ من أَبَاحَهُ انْتَهَى. فَمِنْهُ الْفَوَاسِقُ الْخَمْسَةُ وَهِيَ الْغُرَابُ الْأَسْوَدُ وَالْأَبْقَعُ وَقِيلَ الْمُرَادُ في الحديث الْأَبْقَعُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ وفي مُسْلِمٍ وَالْحَيَّةُ أَيْضًا وَفِيهِ يُقْتَلْنَ في الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ وَفِيهِ أَنَّهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ في مِنًى فَنَصَّ من كل جِنْسٍ على أَدْنَاهُ تنبيه: ا وَال تنبيه: مُقَدَّمٌ على الْمَفْهُومِ إنْ كان وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الذِّئْبَ. نَقَلَ حَنْبَلٌ يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالذِّئْبَ وَالسَّبُعَ وَكُلَّ ما عَدَا من السِّبَاعِ. وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ يَقْتُلُ السَّبُعَ عَدَا أو لم يَعْدُ انْتَهَى. وَمِمَّا يُقْتَلُ أَيْضًا النَّمِرُ وَالْفَهْدُ وَكُلُّ جَارِحٍ كَنَسْرٍ وَبَازِي وَصَقْرٍ وَبَاشِقٍ وَشَاهِينَ وَعُقَابٍ وَنَحْوِهَا وَذُبَابٍ وَوَزَغٍ وَعَلَقٍ وَطُبُوعٍ وَبَقٍّ وَبَعُوضٍ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُقْتَلُ الْقِرْدُ وَالنِّسْرُ وَالْعُقَابُ إذَا وَثَبَ وَلَا كَفَّارَةَ. وقال قَوْمٌ لَا يُبَاحُ مِثْلُ غُرَابِ الْبَيْنِ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ فإنه مَثَّلَ بِالْغُرَابِ الْأَبْقَعِ فَقَطْ. فَإِنْ قَتَلَ شيئا من هذه الْأَشْيَاءِ من غَيْرِ أَنْ يَعْدُوَ عليه فَلَا كَفَّارَةَ عليه وَلَا يَنْبَغِي له. وما لَا يُؤْذِي بِطَبْعِهِ لَا جَزَاءَ فيه كَالرَّخَمِ وَالْبُومِ وَنَحْوِهِمَا قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَيَجُوزُ قَتْلُهُ منهم النَّاظِمُ. وَقِيلَ يُكْرَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَحْرُمُ. نَقَلَ ابو دَاوُد وَيَقْتُلُ كُلَّ ما يُؤْذِيهِ. وَلِلْأَصْحَابِ وَجْهَانِ في نَمْلٍ وَنَحْوِهِ وَجَزَمَ في الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ قَتْلُهُ من غَيْرِ أَذًى وَذَكَرَ منها الذُّبَابَ قال في الْفُرُوعِ وَالتَّحْرِيمُ أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الذَّرِّ. وَنَقَلَ مُهَنَّا وَيَقْتُلُ النَّمْلَةَ إذَا عَضَّتْهُ وَالنَّحْلَةَ إذَا آذَتْهُ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَجُوزُ قَتْلُ نَحْلٍ وَلَوْ بِأَخْذِ كل عَسَلِهِ وقال هو وَغَيْرُهُ إنْ لم يَنْدَفِعْ نَحْلٌ إلَّا بِقَتْلِهِ جَازَ. قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُدَخِّنُ لِلزَّنَابِيرِ إذَا خَشِيَ أَذَاهُمْ هو أَحَبُّ إلَيَّ من تَحْرِيقِهَا وَالنَّمْلُ إذَا آذَاهُ يَقْتُلُهُ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُ الْبَحْرِ على الْمُحْرِمِ. هذا إجْمَاعٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَحْرَ الْمِلْحَ وَالْأَنْهَارَ وَالْعُيُونَ سَوَاءٌ. وَالثَّانِيَةُ ما يَعِيشُ في الْبَرِّ وَالْبَحْرِ كَالسُّلَحْفَاةِ وَالسَّرَطَانِ وَنَحْوِهِمَا كَالسَّمَكِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَنَقَلَ عبد اللَّهِ عليه الْجَزَاءُ. قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ ما يَعِيشُ في الْبَرِّ له حُكْمُهُ وما يَعِيشُ في الْبَحْرِ له حُكْمُهُ وَأَمَّا طَيْرُ الْمَاءِ فَبَرِّيٌّ بِلَا نِزَاعٍ لِأَنَّهُ يُفَرِّخُ وَيَبِيضُ في الْبَرِّ. قَوْلُهُ وفي إبَاحَتِهِ في الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْح ابن منجا وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ. وقال في الْفُرُوعِ أَيْضًا في أَحْكَامِ صَيْدِ الْمَدِينَةِ وفي صَيْدِ السَّمَكِ في الْحَرَمَيْنِ رِوَايَتَانِ وقد سَبَقَتَا. إحْدَاهُمَا لَا يُبَاحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالشَّرْحِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في مَنْسَكِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَشَرْح ابن رَزِينٍ. قال في الْوَجِيزِ وَيَحْرُمُ صَيْدُ الْحَرَمِ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَالثَّانِيَةُ يُبَاحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْإِفَادَاتِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن أبي مُوسَى وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ قال في الْفُصُولِ وهو اخْتِيَارِي وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ. قَوْلُهُ وَيُضْمَنُ الْجَرَادُ بِقِيمَتِهِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجَرَادَ إذَا قُتِلَ يُضْمَنُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ قال ابن منجا هذا الْمَذْهَبُ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ يُضْمَنُ على الْأَظْهَرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَالْمُبْهِجِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ. وَعَنْهُ لَا يُضْمَنُ الْجَرَادُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْح ابن رَزِينٍ وَجَزَمَ بِهِ في نِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ كما قال الْمُصَنِّفُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالشَّرْحِ وابن منجا في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ يَتَصَدَّقُ بِتَمْرَةٍ عن كل جَرَادَةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ. قال الْقَاضِي هذه الرِّوَايَةُ تَقْوِيمٌ لَا تَقْدِيرٌ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ رِوَايَةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ فَإِنْ انْفَرَشَ في طَرِيقِهِ فَقَتَلَهُ بِالْمَشْيِ عليه فَفِي الْجَزَاءِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْح ابن منجا. أَحَدُهُمَا عليه الْجَزَاءُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ. وَالثَّانِي لَا جَزَاءَ عليه قال النَّاظِمُ. وَيُفْدَى جَرَادٌ في الْأَصَحِّ بِقِيمَةٍ *** وَلَوْ في طَرِيقٍ دُسْتَهُ بِمُبْعَدٍ قال في الْفُصُولِ وَهَذَا أَصَحُّ وَقَدَّمَه ابن رزين في شَرْحِهِ.
فائدة: حُكْمُ بَيْضِ الطَّيْرِ إذَا أَتْلَفَهُ لِحَاجَةٍ كَالْمَشْيِ عليه حُكْمُ الْجَرَادِ إذَا افْتَرَشَ في طَرِيقِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا. قَوْلُهُ وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى أَكْلِ الصَّيْدِ فَلَهُ أَكْلُهُ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ بين الْأَصْحَابِ لَكِنْ إذَا ذَبَحَهُ فَهُوَ كَالْمَيْتَةِ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا لِمَنْ يَجُوزُ له أَكْلُ الْمَيْتَةِ أو يَحِلُّ بِالذَّبْحِ. قال الْقَاضِي هو مَيْتَةٌ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ كُلُّ ما اصْطَادَهُ الْمُحْرِمُ وَقَتَلَهُ فَإِنَّمَا هو قبل قَتْلِهِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال الْقَاضِي قال وَيَتَوَجَّهُ حِلُّهُ لِحِلِّ أَكْلِهِ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفِدَاءُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ لَا فِدَاءَ عليه وَالْحَالَةُ هذه وحكى عن أبي بَكْرٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
تنبيه: يَأْتِي في آخِرِ كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لو اُضْطُرَّ لِلْأَكْلِ وَوَجَدَ مَيْتَةً وَصَيْدًا وهو مُحْرِمٌ أو في الْحَرَمِ. وَأَمَّا إذَا احْتَاجَ إلَى فِعْلِ شَيْءٍ من هذه الْمَحْظُورَاتِ مِثْلُ أَنْ احْتَاجَ إلَى حَلْقِ شَعْرِهِ لِمَرَضٍ أو قَمْلٍ أو غَيْرِهِ أو إلَى تَغْطِيَةِ رَأْسِهِ أو لُبْسِ الْمَخِيطِ وَنَحْوِ ذلك وَفَعَلَهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْفِدْيَةِ بَعْدَ وُجُودِ الْعُذْرِ وَقَبْلَ فِعْلِ الْمَحْظُورِ.
فائدة: لو كان بِالْمُحْرِمِ شَيْءٌ لَا يَجِبُ أَنْ يَطَّلِعَ عليه أَحَدٌ جَازَ له اللُّبْسُ وَعَلَيْهِ الْفِدَاءُ نَصَّ عليه. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَتَقَدَّمَ إذَا دَلَّ على طِيبٍ أو لِبَاسٍ عِنْدَ عَقْدِ الدَّلَالَةِ على الصَّيْدِ. قَوْلُهُ السَّابِعُ عَقْدُ النِّكَاحِ لَا يَصِحُّ منه. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَسَوَاءٌ زَوَّجَ غَيْرَهُ أو تَزَوَّجَ مُحْرِمَةً أو غَيْرَهَا وَلِيًّا كان أو وَكِيلًا. وَعَنْهُ إنْ زَوَّجَ الْمُحْرِمُ غَيْرَهُ صَحَّ سَوَاءٌ كان وَلِيًّا أو وَكِيلًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ كما لو حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَ حَلَالٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ الِاعْتِبَارُ بِحَالَةِ الْعَقْدِ فَلَوْ وَكَّلَ مُحْرِمٌ حَلَالًا فَعَقَدَهُ بَعْدَ حِلِّهِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ. وَلَوْ وَكَّلَ حَلَالٌ حَلَالًا فَعَقَدَهُ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَصِحُّ. وَلَوْ وَكَّلَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ لم يَنْعَزِلْ وَكِيلُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَنْعَزِلُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو حَلَّ الْمُوَكِّلُ كان لِوَكِيلِهِ عَقْدُهُ في الْأَقْيَسِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ. فَلَوْ قال عَقَدَهُ قبل إحْرَامِي قُبِلَ قَوْلُهُ وَكَذَا لو قال عَقَدَهُ بَعْدَ إحْرَامِي لِأَنَّهُ يَمْلِكُ فَسْخَهُ فَيَمْلِكُ إقْرَارَهُ وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ. وَيَصِحُّ الْعَقْدُ مع جَهْلِهِمَا وُقُوعَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ من الْمُسْلِمِينَ تَعَاطِي الصَّحِيحِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو قال الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُك بَعْدَ أَنْ أَحْلَلْت فقالت بَلْ وأنا مُحْرِمَةٌ صُدِّقَ الزَّوْجُ وَتُصَدَّقُ هِيَ في نَظِيرَتِهَا في الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ ذَكَرَه ابن شهاب وَغَيْرُهُ. الثَّانِيَةُ لو أَحْرَمَ الْإِمَامُ مُنِعَ من التَّزْوِيجِ لِنَفْسِهِ وَتَزْوِيجِ أَقَارِبِهِ وَأَمَّا بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ فقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ لم يَجُزْ له أَنْ يُزَوِّجَ وَإِنَّمَا يُزَوِّجُ خُلَفَاؤُهُ ثُمَّ سَلَّمَهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بِوِلَايَةِ الْحُكْمِ ما لَا يَجُوزُ بِوِلَايَةِ النَّسَبِ. وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ احْتِمَالَيْنِ في عَدَمِ تَزْوِيجِهِ وَجَوَازِهِ لِلْحَرَجِ لِأَنَّ الْحُكَّامَ إنَّمَا يُزَوِّجُونَ بِإِذْنِهِ وَوِلَايَتِهِ وَاخْتَارَ الْجَوَازَ لِحِلِّهِ حَالَ وِلَايَتِهِ وَالِاسْتِدَامَةُ أَقْوَى لِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَبْطُلُ بِفِسْقٍ طَرَأَ. وَاقْتَصَرَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ على حِكَايَةِ كَلَامِ بن عَقِيلٍ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّ نَائِبَهُ إذَا أَحْرَمَ مِثْلُ الْإِمَامِ. قُلْت قال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَنَائِبِهِ أَنْ يُزَوِّجَ وهو مُحْرِمٌ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ على ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ انْتَهَى. قُلْت وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ عَدَمُ الصِّحَّةِ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ وفي الرَّجْعَةِ رِوَايَتَانِ. يَعْنِي في إبَاحَتِهَا وَصِحَّتِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْإِرْشَادِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُبْهِجِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ذَكَرَهُ في بَابِ الرَّجْعَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وَالْمُحَرَّرِ. إحْدَاهُمَا تُبَاحُ وَتَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ اختارها الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ هُنَا وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالتَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ. قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ عليها الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الْمَنْعُ وَعَدَمُ الصِّحَّةِ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عن أَحْمَدَ وَنَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قال ابن عَقِيلٍ لَا تَصِحَّ على الْمَشْهُورِ قال في الْإِيضَاحِ وَهِيَ أَصَحُّ ونصرها [ونصره] في الْمُبْهِجِ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ الْأَشْهَرُ عن أَحْمَدَ.
فوائد: الْأُولَى تُكْرَهُ خِطْبَةُ الْمُحْرِمِ كَخِطْبَةِ الْعَقْدِ وَشُهُودِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال ابن عَقِيلٍ يَحْرُمُ ذلك لِتَحْرِيمِ دَوَاعِي الْجِمَاعِ وَأَطْلَقَ أبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ تَحْرِيمَ الْخِطْبَةِ. الثَّانِيَةُ تُكْرَهُ الشَّهَادَةُ فيه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال ابن عَقِيلٍ تَحْرُمُ وَقَدَّمَهُ الْقَاضِي وَاحْتَجَّ بِنَقْلِ حَنْبَلٍ لَا يَخْطُبُ قال وَمَعْنَاهُ لَا يَشْهَدُ النِّكَاحَ ثُمَّ سَلَّمَهُ وقال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا يُكْرَهُ لِمُحِلٍّ خِطْبَةُ مُحْرِمَةٍ وأن في كَرَاهَةِ شَهَادَتِهِ فيه وجهان [وجهين] قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. الثَّالِثَةُ يَصِحُّ شِرَاءُ الْأَمَةِ لِلْوَطْءِ وَغَيْرِهِ قال الْمُصَنِّفُ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا. الرَّابِعَةُ يَجُوزُ اخْتِيَارُ من أَسْلَمَ على أَكْثَرَ من أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لِبَعْضِهِنَّ في حَالِ إحْرَامِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وابن رَزِينٍ وقال الْقَاضِي لَا يَخْتَارُ وَالْحَالَةُ هذه. وَيَأْتِي ذلك في بَابِ نِكَاحِ الْكُفَّارِ فإنه مَحَلُّهُ. قَوْلُهُ الثَّامِنُ الْجِمَاعُ في الْفَرْجِ قُبُلًا كان أو دُبُرًا من آدَمِيٍّ أو غَيْرِهِ فَمَتَى فَعَلَ ذلك قبل التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَسَدَ نُسُكُهُ. هذا الْمَذْهَبُ قَوْلًا وَاحِدًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ خَرَّجَ عَدَمَ الْفَسَادِ بِوَطْءِ الْبَهِيمَةِ من عَدَمِ الْحَدِّ بِوَطْئِهَا وَأَطْلَقَ الْحَلْوَانِيُّ وَجْهَيْنِ. أَحَدَهُمَا لَا يَفْسُدُ وَعَلَيْهِ شَاةٌ وَأَطْلَقَ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ في فَسَادِ النُّسُكِ بِوَطْءِ الْبَهِيمَةِ وَجْهَيْنِ وقال في الْمُذْهَبِ وإذا وطىء بَهِيمَةً فَكَالْوَطْءِ في غَيْرِهَا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَتَقَدَّمَ إذَا أَحْرَمَ حَالَ وَطْئِهِ في أَوَّلِ بَابِ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ عَامِدًا كان أو سَاهِيًا. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّ السَّاهِيَ في فِعْلِ ذلك كَالْعَامِدِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وكذا الْجَاهِلُ وَالْمُكْرَهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ في الْجَاهِلِ. وَذَكَرَ في الْفُصُولِ رِوَايَةً لَا يَفْسُدُ حَجُّ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ وَنَحْوِهِمْ. وَخَرَّجَهَا الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَمَالَ إلَيْهِ في الْفُرُوعِ وقال هذا مُتَّجَهٌ وَرَدَّ أَدِلَّةَ الْأَصْحَابِ وقال فيه نَظَرٌ. وقال في الرَّوْضَةِ الْمُكْرَهَةُ لَا يَفْسُدُ حَجُّهَا وَعَلَيْهَا بَدَنَةٌ. وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ما يَجِبُ بِالْوَطْءِ في بَابِ الْفِدْيَةِ في آخِرِ الضَّرْبِ الثَّانِي وَبَعْدَهُ إذَا وطىء عَامِدًا أو مُخْطِئًا. قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمَا الْمُضِيُّ في فَاسِدِهِ. حُكْمُهُ حُكْمُ الْإِحْرَامِ الصَّحِيحِ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في رِوَايَةِ بن إبْرَاهِيمَ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَعْتَمِرَ من التَّنْعِيمِ يَعْنِي يَجْعَلَ الْحَجَّ عُمْرَةً وَلَا يُقِيمَ على حَجَّةٍ فَاسِدَةٍ وهو مَذْهَبُ مَالِكٍ. قَوْلُهُ وَالْقَضَاءُ على الْفَوْرِ إنْ كان ما أَفْسَدَهُ حَجًّا وَاجِبًا. بِلَا نِزَاعٍ في وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَتُجْزِئُهُ الْحَجَّةُ من قَابِلٍ وَإِنْ كان الذي أَفْسَدَهُ تَطَوُّعًا فَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ وُجُوبُ إتْمَامِهِ لَا وُجُوبُهُ في نَفْسِهِ لِقَوْلِهِمْ إنْ تَطَوَّعَ فَيُثَابُ عليه ثَوَابَ نَفْلٍ. وفي الْهِدَايَةِ وَالِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ رِوَايَةٌ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ قال الْمَجْدُ لَا أَحْسَبُهَا إلَّا سَهْوًا. قَوْلُهُ وَالْقَضَاءُ على الْفَوْرِ من حَيْثُ أَحْرَمَا أَوَّلًا. إنْ كَانَا أَحْرَمَا قبل الْمِيقَاتِ أو من الْمِيقَاتِ أَحْرَمَا في الْقَضَاءِ من الْمَوْضِعِ الذي أَحْرَمَا منه أَوَّلًا وَإِنْ كَانَا أَحْرَمَا من دُونِ الْمِيقَاتِ أَحْرَمَا من الْمِيقَاتِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُحْرِمَ من الْمِيقَاتِ مُطْلَقًا وَمَالَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ وَنَفَقَةُ الْمَرْأَةِ في الْقَضَاءِ عليها إنْ طَاوَعَتْ. بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ أُكْرِهَتْ فَعَلَى الزَّوْجِ. وهو الْمَذْهَبُ وَلَوْ طَلَّقَهَا نَقَلَ الْأَثْرَمُ على الزَّوْجِ حَمْلُهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ الثَّانِي على إرْسَالِهَا إنْ امْتَنَعَ. وَيَأْتِي في بَابِ الْفِدْيَةِ في آخِرِ الضَّرْبِ الثَّانِي وُجُوبُ فِدْيَةِ الْوَطْءِ على الْمَرْأَةِ في الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. قَوْلُهُ وَيَتَفَرَّقَانِ في الْقَضَاءِ من الْمَوْضِعِ الذي أَصَابَهَا فيه إلَى أَنْ يَحِلَّا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْفُرُوعِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ يَتَفَرَّقَانِ من الْمَوْضِعِ الذي يُحْرِمَانِ منه. قَوْلُهُ وَهَلْ هو وَاجِبٌ أو مُسْتَحَبٌّ على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْهَادِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَشَرْح ابن منجا. أَحَدُهُمَا يُسْتَحَبُّ وهو الْمَذْهَبُ قال في الشَّرْحِ وهو أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ ذلك وَاجِبٌ جَزَمَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ.
تنبيهان: أَحَدُهُمَا مَعْنَى التَّفَرُّقِ أَنْ لَا يَرْكَبَ مَعَهَا في مَحْمَلٍ وَلَا يَنْزِلَ مَعَهَا في فُسْطَاطٍ وَنَحْوِ ذلك قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَتَفَرَّقَانِ في النُّزُولِ وَالْفُسْطَاطِ وَالْمَحْمَلِ وَلَكِنْ يَكُونُ بِقُرْبِهَا انْتَهَى وَذَلِكَ لِيُرَاعِيَ أَحْوَالَهَا فإنه مَحْرَمُهَا. الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ زَوْجَهَا الذي وَطِئَهَا يَجُوزُ وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَحْرَمًا لها في حَجَّةِ الْقَضَاءِ وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقد ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن منجا في شَرْحِهِ يَكُونُ بِقُرْبِهَا لِيُرَاعِيَ أَحْوَالَهَا لِأَنَّهُ مَحْرَمُهَا وَنَقَلَ محمد بن الْحَكَمِ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا مَحْرَمٌ غَيْرُ الزَّوْجِ. قُلْت فَيُعَايَى بها.
فوائد: الْأُولَى حُكْمُ الْعُمْرَةِ حُكْمُ الْحَجِّ في فَسَادِهَا بِالْوَطْءِ قبل الْفَرَاغِ من السَّعْيِ وَوُجُوبِ الْمُضِيِّ في فَسَادِهَا وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ كان مَكِّيًّا أو حَصَلَ بها مُجَاوِرًا أَحْرَمَ لِلْقَضَاءِ من الْحِلِّ سَوَاءٌ أَحْرَمَ بها منه أو من الْحَرَمِ. وَإِنْ أَفْسَدَ الْمُتَمَتِّعُ عُمْرَتَهُ وَمَضَى فيها وَأَتَمَّهَا فقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَخْرُجُ إلَى الْمِيقَاتِ فَيُحْرِمُ منه بِعُمْرَةٍ فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَحْرَمَ بِهِ من مَكَّةَ وَعَلَيْهِ دَمٌ فإذا فَرَغَ من الْحَجِّ أَحْرَمَ من الْمِيقَاتِ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ التي أَفْسَدَهَا وَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِمَا أَفْسَدَ من عُمْرَتِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ وَالْمَيْمُونِيُّ فإذا فَرَغَ منها أَحْرَمَ من ذِي الْحُلَيْفَةِ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ ما أَفْسَدَ قال الْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ تَفْرِيعًا على رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ إنَّ دَمَ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ يَسْقُطُ بِالْإِفْسَادِ فقال إنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ لِلْقَضَاءِ فَهَلْ هو مُتَمَتِّعٌ إنْ أَنْشَأَ سَفَرَ قَصْرٍ فَمُتَمَتِّعٌ وَإِلَّا فَلَا على ظَاهِرِ نَقْل ابن إبْرَاهِيمَ إذَا أَنْشَأَ سَفَرَ قَصْرٍ فَمُتَمَتِّعٌ. وَنَقَل ابن إبْرَاهِيمَ رِوَايَةً أُخْرَى تَقْتَضِي إنْ بَلَغَ الْمِيقَاتَ فَمُتَمَتِّعٌ فقال لَا تَكُونُ مُتْعَةً حتى يَخْرُجَ إلَى مِيقَاتِهِ. الثَّانِيَةُ قَضَاءُ الْعَبْدِ كَنَذْرِهِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ في حَالِ رِقِّهِ لِأَنَّهُ وَجَبَ عليه بِإِيجَابِهِ قال في الْفُرُوعِ هذا أَشْهَرُ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ ذلك في كِتَابِ الْمَنَاسِكِ في أَحْكَامِ الْعَبْدِ. وَإِنْ كان الذي أَفْسَدَهُ مَأْذُونًا فيه قَضَى مَتَى قَدَرَ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ ولم يَمْلِكْ مَنْعَهُ منه لِأَنَّ إذْنَهُ فيه إذْنٌ في مُوجِبِهِ وَمُقْتَضَاهُ. وَإِنْ كان غير مَأْذُونٍ فيه مَلَكَ السَّيِّدُ مَنْعَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِتَفْوِيتِ حَقِّهِ وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهُ لِوُجُوبِهِ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا هُنَاكَ. وَإِنْ أُعْتِقَ قبل الْقَضَاءِ انْصَرَفَ إلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال ابن عَقِيلٍ عِنْدِي لَا يَصِحُّ. الثَّالِثَةُ يَلْزَمُ الصَّبِيَّ الْقَضَاءُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إذَا أَفْسَدَهُ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَدَنَةُ وَالْمُضِيُّ في فَاسِدِهِ كَبَالِغٍ. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَحَكَاهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ احْتِمَالًا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ الْقَضَاءُ بَعْدَ بُلُوغِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه. وَقِيلَ يَصِحُّ قبل بُلُوغِهِ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ. الرَّابِعَةُ يَكْفِي الْعَبْدَ وَالصَّبِيَّ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَالْقَضَاءُ إنْ كَفَتْ أو صَحَّتْ كَالْأُولَى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَخَالَفَ بن عَقِيلٍ. وَتَقَدَّمَ ذلك مع أَحْكَامِ الْعَبْدِ بِأَتَمَّ من هذا في أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجِّ فَلْيُعَاوَدْ. الْخَامِسَةُ لو أَفْسَدَ الْقَضَاءَ لَزِمَهُ قَضَاءُ الْوَاجِبِ الْأَوَّلِ لَا الْقَضَاءُ. قَوْلُهُ وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ لم يَفْسُدُ حَجُّهُ. هذا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كان مُفْرِدًا أو قَارِنًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ حَجَّهُ يَفْسُدُ إنْ بَقِيَ إحْرَامُهُ وَفَسَدَ بِوَطْئِهِ. وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ في ال تنبيه: أَنَّ من وطىء في الْحَجِّ قبل الطَّوَافِ فَسَدَ حَجُّهُ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ على ما قبل التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ عن كَلَامِ أبي بَكْرٍ يُرِيدُ إذَا لم يَكُنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَلَا يَكُونُ قبل التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِنْ جَامَعَ قبل تَحَلُّلِهِ الْأَوَّلِ وَقِيلَ قبل جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَيَأْتِي في صِفَةِ الْحَجِّ بِمَ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ.
فائدة: هل يَكُونُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ مُحْرِمًا ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَكُونُ مُحْرِمًا لِبَقَاءِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ الْمُنَافِي وُجُودُهُ صِحَّةَ الْإِحْرَامِ. وقال الْقَاضِي أَيْضًا لِإِطْلَاقِ الْمُحْرِمِ على من حَرُمَ عليه الْكُلُّ. وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ يَبْطُلُ إحْرَامُهُ على احْتِمَالِ وقال في مُفْرَدَاتِهِ هو مُحْرِمٌ لِوُجُوبِ الدَّمِ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي هُنَا وَتَبِعَهُ في الشَّرْحِ أَنَّهُ مُحْرِمٌ وقال في مَسْأَلَةِ ما يُبَاحُ بِالتَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ نَمْنَعُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ وَإِنَّمَا نَنْفِي بَعْضَ أَحْكَامِ الْإِحْرَامِ. وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ وَالْمَيْمُونِيُّ وَمُحَمَّدُ بن الْحَكَمِ فِيمَنْ وطىء بَعْدَ الرَّمْيِ. يُنْتَقَضُ إحْرَامُهُ قال الزَّرْكَشِيُّ لو وطىء بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ فَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ وَلِأَبِي مُحَمَّدٍ في مَوْضِعٍ في لُزُومِ الدَّمِ احْتِمَالَانِ وَجَزَمَ في مَوَاضِعَ أُخَرَ بِلُزُومِ الدَّمِ تَبَعًا لِلْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ وَيَمْضِي إلَى التَّنْعِيمِ فَيُحْرِمُ لِيَطُوفَ وهو مُحْرِمٌ. اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْوَطْءَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ يُفْسِدُ الْإِحْرَامَ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ من الْحِلِّ لِيَجْمَعَ بين الْحِلِّ وَالْحَرَمِ لِيَطُوفَ في إحْرَامٍ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ رُكْنُ الْحَجِّ كَالْوُقُوفِ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال سَوَاءٌ أَبَعُدَ أو لَا وَمَعْنَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَمَنْ تَابَعَهُمَا وَالْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ أَنَّهُ يَعْتَمِرُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ هذا الْمَعْنَى يَعْنِي ما تَقَدَّمَ وَسَمَّاهُ عُمْرَةً لِأَنَّ هذا أَفْعَالُ الْعُمْرَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ عُمْرَةً حَقِيقَةً فَيَلْزَمُ سَعْيٌ وَتَقْصِيرٌ قالوا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا يَعْتَمِرُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِ أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ والمبهج [والمنهج]. قال أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ يَأْتِي بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَبِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَبَقِيَّةِ أَفْعَالِ الْحَجِّ. قَوْلُهُ وَهَلْ يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ أو شَاةٌ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ. إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْقَاضِي وَالْمُوَفَّقُ في شَرْحِ مَنَاسِكِ الْمُقْنِعِ وَنَصَرَهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ. والرواية [والراوية] الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ شَاةٌ وَهِيَ الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال في عُقُودِ بن الْبَنَّا وَالْخُلَاصَةِ يَلْزَمُهُ دَمٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْكَافِي وَالْعُمْدَةِ وَشَرْحِهَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو طَافَ لِلزِّيَارَةِ ولم يَرْمِ ثُمَّ وطىء فَقَدَّمَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إحْرَامٌ من الْحِلِّ وَلَا دَمَ عليه لِوُجُودِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ كما سَبَقَ. الثَّانِيَةُ الْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِيمَا تَقَدَّمَ وَتَفْسُدُ قبل فَرَاغِ الطَّوَافِ وَكَذَا قبل سَعْيِهَا إنْ قُلْنَا هو رُكْنٌ أو وَاجِبٌ وقال في التَّرْغِيبِ إنْ وطىء قبل السَّعْيِ خَرَجَ على الرِّوَايَتَيْنِ في كَوْنِهِ رُكْنًا أو غَيْرَهُ انْتَهَى. وَلَا تَفْسُدُ قبل الْحَلْقِ إنْ لم يَجِبْ وَكَذَا إنْ وَجَبَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ أنها تَفْسُدُ وقال في التَّبْصِرَةِ في فِدَاءٍ في مَحْظُورِهَا قبل الْحَلْقِ الرِّوَايَتَانِ وقال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ يَفْسُدُ الْحَجُّ فَقَطْ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. وَيَأْتِي في بَابِ الْفِدْيَةِ في آخِرِ الضَّرْبِ الثَّانِي ما يَجِبُ بِالْوَطْءِ في الْعُمْرَةِ. قَوْلُهُ التَّاسِعُ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ وَكَذَا إنْ قَبَّلَ أو لَمَسَ بِشَهْوَةٍ فَإِنْ فَعَلَ فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ. هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْإِرْشَادِ قَوْلًا وَاحِدًا وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَعَنْهُ عليه شَاةٌ إنْ لم يَفْسُدْ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَ بن رَزِينٍ في. نِهَايَتِهِ أَنَّ عليه شَاةً وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا وَأَطْلَقَهُمَا الْحَلْوَانِيُّ كما لو لم يَفْسُدْ قال في الْفُرُوعِ وَالْقِيَاسَانِ ضَعِيفَانِ. وَيَأْتِي أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْفِدْيَةِ في الضَّرْبِ الثَّالِثِ في قَوْلِهِ وَمَتَى أَنْزَلَ بِالْمُبَاشَرَةِ دُونَ الْفَرْجِ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ. قَوْلُهُ وَهَلْ يَفْسُدُ نُسُكُهُ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْإِرْشَادِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ. إحْدَاهُمَا لَا يَفْسُدُ وَهِيَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهَا في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ النَّاظِمُ. الثَّانِيَةُ يَفْسُدُ نَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قال في الْمُبْهِجِ فَسَدَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ في الْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ إذَا أَنْزَلَ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُهُمَا. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ إنْ أَمْنَى بِالْمُبَاشَرَةِ فَسَدَ نُسُكُهُ دُونَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ لم يُنْزِلْ لم يَفْسُدْ. قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا وقال في الْفُرُوعِ وَسَبَقَ في الصَّوْمِ خِلَافٌ وَمِثْلُهُ الْفِدْيَةُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّ فيه خِلَافًا. وَيَأْتِي ما يَجِبُ عليه بِذَلِكَ في بَابِ الْفِدْيَةِ. قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا في وَجْهِهَا. هذا بِلَا نِزَاعٍ فَيَحْرُمُ عليها تَغْطِيَتُهُ بِبُرْقُعٍ أو نِقَابٍ أو غَيْرِهِمَا وَيَجُوزُ لها أَنْ تَسْدُلَ على وَجْهِهَا لِحَاجَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ جَوَازَ السَّدْلِ وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ إنَّمَا لها أَنْ تَسْدُلَ على وَجْهِهَا من فَوْقُ وَلَيْسَ لها أَنْ تَرْفَعَ الثَّوْبَ من أَسْفَلَ. قال الْمُصَنِّفُ كَأَنَّ أَحْمَدَ يَقْصِدُ أَنَّ النِّقَابَ من أَسْفَلَ على وَجْهِهَا. وقال الْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ تَسْدُلُ وَلَا يُصِيبُ الْبَشَرَةَ فَإِنْ أَصَابَهَا فلم تَرْفَعْهُ مع الْقُدْرَةِ فَدَتْ لِاسْتِدَامَةِ السَّتْرِ. قال الْمُصَنِّفُ ليس هذا الشَّرْطُ عن أَحْمَدَ وَلَا في الْخَبَرِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ فإن الْمَسْدُولَ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ من إصَابَةِ الْبَشَرَةِ فَلَوْ كان شَرْطًا لَبَيَّنَهُ. قال في الْفُرُوعِ وما قَالَهُ صَحِيحٌ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلَوْ مَسَّ وَجْهَهَا فَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ لِأَنَّ وَجْهَهَا كَيَدِ الرَّجُلِ.
تنبيه: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ غير الْوَجْهِ لَا يَحْرُمُ تَغْطِيَتُهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقال أبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ في الْإِيضَاحِ وَالْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا في وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا قال في الْمُبْهِجِ وفي الْكَفَّيْنِ رِوَايَتَانِ وقال في الِانْتِصَارِ الْمَرْأَةُ أُبِيحَ لها كَشْفُ الْوَجْهِ في الصَّلَاةِ وَالْإِحْرَامِ.
فائدة: يَجْتَمِعُ في حَقِّ الْمُحْرِمَةِ وُجُوبُ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَتَحْرِيمُ تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ وَلَا يُمْكِنُهَا تَغْطِيَةُ كل الرَّأْسِ إلَّا بِتَغْطِيَةِ جُزْءٍ من الْوَجْهِ وَلَا كَشْفُ جَمِيعِ الْوَجْهِ إلَّا بِكَشْفِ جُزْءٍ من الرَّأْسِ وَالْمُحَافَظَةُ على سَتْرِ الرَّأْسِ كُلِّهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ آكَدُ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْإِحْرَامِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قُلْت لَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ الِاسْتِحْبَابَ وَإِلَّا حَيْثُ قُلْنَا يَجِبُ كَشْفُ الْوَجْهِ فإنه يُعْفَى عن الشَّيْءِ الْيَسِيرِ منه وَحَيْثُ قُلْنَا يَجِبُ سَتْرُ الرَّأْسِ فَيُعْفَى عن الشَّيْءِ الْيَسِيرِ كما قُلْنَا في مَسْحِ الرَّأْسِ في الْوُضُوءِ على ما تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ. يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عليها لُبْسُهُمَا نَصَّ عليه وَهُمَا شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ كما يُعْمَلُ. لِلْبُزَاةِ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَالرَّجُلِ فإنه أَيْضًا يُمْنَعُ من لُبْسِهِمَا وَلَا يَلْزَمُ من تَغْطِيَتِهِمَا بِكُمِّهَا لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ جَوَازُهُ بِهِمَا بِدَلِيلِ تَغْطِيَةِ الرَّجُلِ قَدَمَيْهِ بِإِزَارِهِ لَا بِخُفٍّ وَإِنَّمَا جَازَ تَغْطِيَةُ قَدَمِهَا بِكُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ في الصَّلَاةِ وَلَنَا في الْكَفَّيْنِ رِوَايَتَانِ أو الْكَفَّانِ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا حُكْمُ التَّيَمُّمِ كَالْوَجْهِ.
فائدة: لو لَفَّتْ على يَدَيْهَا خِرَقًا أو خِرْقَةً وَشَدَّتَهَا على حِنَّاءٍ أَوَّلًا كَشَدِّهِ على جَسَدِهِ شيئا ذَكَرَهُ في الْفُصُولِ عن أَحْمَدَ فقال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا يَحْرُمُ عليها ذلك وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هُمَا كَالْقُفَّازَيْنِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُسْتَوْعِبِ. قَوْلُهُ وَالْخَلْخَالُ وَنَحْوُهُ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُبَاحُ لها لُبْسُ الْخَلْخَالِ والحلى وَنَحْوِهِمَا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ عليه جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ يَحْرُمُ ذلك وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا لَكِنْ قال في الْمَطْلَعِ عن كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا عَطَفَ الْخَلْخَالَ وَنَحْوَهُ على الْقُفَّازَيْنِ وَإِنْ كان لُبْسُ الْقُفَّازَيْنِ مُحَرَّمًا وَلُبْسُ الْخَلْخَالِ والحلى مُبَاحًا في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ لُبْسَهُ مَكْرُوهٌ فَفِيهِمَا اشْتِرَاكٌ في رُجْحَانِ التَّرْكِ انْتَهَى. وَحَمَلَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ على الْكَرَاهَةِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَكَلَامِ الْخِرَقِيِّ لَكِنْ بن منجا شَرَحَ على أَنَّهُ مُحَرَّمٌ فَحَمَلَهُ على ظَاهِرِهِ ولم يَحْكِ خِلَافًا.
فائدة: لَا يَحْرُمُ عليها لِبَاسُ زِينَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وزاد وَيُكْرَهُ وقال الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ يَحْرُمُ لِبَاسُ زِينَةٍ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كحلى. قَوْلُهُ وَلَا تَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ. قال الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي الْكُحْلُ بِالْإِثْمِدِ مَكْرُوهٌ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ وَإِنَّمَا خصت [خص] الْمَرْأَةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الزِّينَةِ وَالْكَرَاهَةُ في حَقِّهَا أَكْثَرُ من الرَّجُلِ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ. فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءً كان الْكُحْلُ لِلزِّينَةِ أو غَيْرِهَا وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إلَّا إذَا كان لِلزِّينَةِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ نَقَل ابن مَنْصُورٍ لَا تَكْتَحِلُ الْمَرْأَةُ بِالسَّوَادِ. فَظَاهِرُهُ التَّخْصِيصُ بِالْمَرْأَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن أبي مُوسَى. قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحَمَلَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ كَلَامَ صَاحِبِ الْإِرْشَادِ على الْكَرَاهَةِ. وقال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ التَّحْرِيمُ وقد يقال ظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْفِدْيَةِ وقد أَقَرَّه ابن الزاغوني على ذلك فقال هو كَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَجَعَلَهُ الْمَجْدُ مَكْرُوهًا وكذا أبو مُحَمَّدٍ ولم يُوجِبْ فيه فِدْيَةً وَسَوَّى بين الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ والكحلى. يَجُوزُ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ سَوَاءٌ كان اللَّابِسُ رَجُلًا أو امْرَأَةً وقال في الْوَاضِحِ يَجُوزُ لُبْسُ ما لم يُنْفَضْ عليه. وَيَأْتِي في آخِرِ بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ في غَيْرِ الْإِحْرَامِ فَفِيهِ أَوْلَى. أَمَّا الكحلى وَغَيْرُهُ من الصِّبَاغِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ لُبْسُهُ من غَيْرِ اسْتِحْبَابٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا يُسَنُّ لُبْسُ ذلك قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ. قَوْلُهُ وَالْخِضَابُ بِالْحِنَّاءِ. يَعْنِي لَا بَأْسَ بِهِ لِلْمَرْأَةِ في إحْرَامِهَا وهو اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ فَإِنَّهُمَا قَالَا لَا بَأْسَ بِهِ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. فَعَلَيْهِ إنْ فَعَلَتْ فَإِنْ شَدَّتْ يَدَهَا بِخِرْقَةٍ فَدَتْ وَإِلَّا فَلَا.
فائدة: يُسْتَحَبُّ لها الْخِضَابُ بِالْحِنَّاءِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَيُسْتَحَبُّ في غَيْرِ الْإِحْرَامِ لِمُتَزَوِّجَةٍ لِأَنَّ فيه زِينَةً وَتَحْبِيبًا لِلزَّوْجِ كَالطِّيبِ قال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَيُكْرَهُ لِأَيِّمٍ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ مع خَوْفِ الْفِتْنَةِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ لَا يُسْتَحَبُّ لها وقال في مَكَان آخَرَ كَرِهَهُ أَحْمَدُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هو بِلَا حَاجَةٍ. فَأَمَّا الْخِضَابُ لِلرَّجُلِ فقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَمَاعَةٌ لَا بَأْسَ بِهِ فِيمَا لَا تَشَبُّهَ فيه بِالنِّسَاءِ. وَأَطْلَقَ في الْمُسْتَوْعِبِ لها الْخِضَابُ بِالْحِنَّاءِ مُخْتَصٌّ بِالنِّسَاءِ وَظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ في الْحِنَّاءِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَسْأَلَةِ وَاحِدَةٌ انْتَهَى وَيُبَاحُ لِحَاجَةٍ. قَوْلُهُ وَالنَّظَرُ في الْمِرْآةِ لَهُمَا جميعا. يَعْنِي يَجُوزُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ النَّظَرُ في الْمِرْآةِ لِلْحَاجَةِ كَمُدَاوَاةِ جُرْحٍ وَإِزَالَةِ شَعْرٍ نَبَتَ في عَيْنِهِ وَنَحْوِ ذلك وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وإن [ولمن] كان النَّظَرُ لِإِزَالَةِ شُعْثٍ أو تَسْوِيَةِ شَعْرٍ أو شَيْءٍ من الزِّينَةِ كُرِهَ ذلك ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْح ابن منجا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَحْرُمُ. وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وفي تَرْكِ الْأَوْلَى نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ من أَنْ يَأْتُوا شُعْثًا غُبْرًا وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لَا بَأْسَ بِهِ وَبَعْضُ من أَطْلَقَ قَيَّدَ في مَكَان آخَرَ بِالْحَاجَةِ.
فائدة: قال الْآجُرِّيُّ وابن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُمَا وَيَلْبَسُ الْخَاتَمَ. وَتَقَدَّمَ جَوَازُ لُبْسِهِ لِلزِّينَةِ فِيمَا يُبَاحُ من فِضَّةٍ لِلرِّجَالِ. قال في الْفُرُوعِ وإذا لم يُكْرَهْ في غَيْرِ الْإِحْرَامِ فَيَتَوَجَّهُ في كَرَاهَتِهِ لِلْمُحْرِمِ لِزِينَةٍ ما في كُحْلٍ وَنَظَرٍ في مِرْآةٍ.
فائدة: يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ ما نهى اللَّهُ عنه مِمَّا فُسِّرَ بِهِ الرَّفَثُ وَالْفُسُوقُ وهو السِّبَابُ وَقِيلَ الْمَعَاصِي وَالْجِدَالُ وَالْمِرَاءُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الْمُحْرِمُ مَمْنُوعٌ من ذلك كُلِّهِ وقال [وقالت] في الْفُصُولِ يَجِبُ اجْتِنَابُ الْجِدَالِ وَالْمِرَاءِ قال وهو الْمُمَارَاةُ فِيمَا لَا يَعْنِي وقال في الْمُسْتَوْعِبِ يَحْرُمُ عليه الْفُسُوقُ وهو السِّبَابُ وَالْجِدَالُ وهو الْمُمَارَاةُ فِيمَا لَا يَعْنِي وقال في الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ كُلُّ جِدَالٍ وَمِرَاءٍ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَكُلُّ سِبَابٍ. وَقِيلَ يَحْرُمُ كما يَحْرُمُ على الْمُحِلِّ بَلْ أَوْلَى قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. وقال في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَقَّى الْكَلَامَ إلَّا فِيمَا يَنْفَعُ وَالْجِدَالَ وَالْمُرَاءَاةَ وَاللَّغْوَ وَغَيْرَ ذلك مِمَّا لَا حَاجَةَ بِهِ إلَيْهِ وَيُسْتَحَبُّ قِلَّةُ الْكَلَامِ إلَّا فِيمَا يَنْفَعُ. وقال في الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ له كَثْرَةُ الْكَلَامِ بِلَا نَفْعٍ انْتَهَى. وَيَجُوزُ له التِّجَارَةُ وَعَمَلُ الصَّنْعَةِ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ ما لم يَشْغَلْهُ عن مُسْتَحَبٍّ أو وَاجِبٍ.
|